El ser humano en el Corán
الإنسان في القرآن
Géneros
أما قوله تعالى:
وحملها الإنسان
أي عند عرضها عليه إما باعتبارها بالإضافة إلى استعداده، أو بتكليفه إياها يوم الميثاق؛ أي تكلفها والتزمها مع ما فيه من ضعف البنية ورخاوة القوة، وهو إما عبارة عن قبوله لها بموجب استعداده الفطري، أو من اعترافه بقوله: بلى، وقوله تعالى
إنه كان ظلوما جهولا
اعتراض وسط بين الجمل، وغايته للإيذان من أول الأمر بعدم وفائه بما عهده وتحمله؛ أي أنه كان مفرطا في الظلم، مبالغا في الجهل، أي بحسب غالب أفراده الذين لم يعملوا بموجب فطرتهم السليمة.
ونقل صاحب تفسير الجواهر زبدة هذه المعاني، ثم نقل تفسير الفيروزآبادي لمعنى حمل الأمانة؛ إذ قال: «فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان؛ أي أبين أن يخنها وخانها الإنسان.» قال: «والإنسان هنا هو الكافر والمنافق.» •••
ولا نختم هذه المقتبسات قبل أن نعود إلى الاستدراك الذي بدأناها به، وهو الاتفاق على معنى التكليف، وأن الاختلاف على المذام التي تترتب عليه إنما هو الدليل على معنى الاستعداد الفطري للمذام وما عداها، أو على معنى الوقوع في المذمة بمجاوزة حدود التكليف ظلما مع العلم بها، وجهلا مع القدرة على التعلم والاسترشاد في أمرها.
إلا أن معنى الاستعداد الفطري لا يخفى إذا روجعت الآيات التي ورد فيها ذكر صفات «الإنسان» بمعنى جنس الإنسان؛ فإنه يذكر بهذه الصفات في مواضع كثيرة مع ذكر آيات التكوين والخلق وتصريف قوى الطبيعة، فقد ذكر تكريم بني آدم مع السلطان على البر والبحر والزرع والضرع والتفضيل على كثير من خلائق الله، وذكر ظلم الإنسان وجهله مع انفراده بالفطرة المستعدة للتكليف بين خلق السماوات والأرض، وذكر في غير هاتين الآيتين بقوله للخير والشر مع الإيمان بالجزاء، والتذكير بخلق الليل والنهار، وخيرات الأرض، وحساب الأفلاك، ومن ذاك - وفيه الإشارة إلى أمثاله من الآيات:
ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا * وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما * ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا * وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا (الإسراء: 9-12).
فقد ذكرت هنا فطرة الاستعداد للخير والشر مع ذكر الإيمان بالجزاء وتصريف الليل والنهار، وعجلة الإنسان على حساب العواقب، وهو أهل للحساب، حساب الشاهد والغائب، وحساب النور والظلام، وحساب السنين والأيام.
Página desconocida