مسائل من أحكام النفقة في سبيل الله
* مسألة:
من أخرج شيئًا في سبيل الله، فإمَّا أن يُعيِّن فيقول: يوضع في كذا، يذكر وجهًا من وجوه البرِّ: صدقةً أو عتقًا أو جهادًا أو حَجًَّا، وما أشبه ذلك. وإمّا أن يُطلق؛ فيقول: هذا في سبيل الله، ولا يزيد على ذلك، فإن كان عَيَّن، فهو على ما سمَّى، لا يحتمل ذلك خلافًا، ولا يسوغ فيه، وإن أطلق ولم تكن له نيَّة، أو كانت فلم تُعْلم؛ لأنه مات، أو غاب، وما أشبه ذلك، فقيل: إنَّ إطلاق هذا القولِ وعُرْفَه يقتضي الجهاد، فهو يُحملُ عليه، فيكون مَصْرَفُه إلى الغُزاةِ وأهلِ القتال، وفي
وجوه الحرب، لا يتعدَّى به ذلك؛ روُي هذا عن مالكٍ (١)، والشافعيّ (٢)، وغيرهما (٣) .
وقد يحتمل أن يقال: إنه سائغٌ أن يوضع في الأهمّ فالأهمّ من وجوه البرّ، جهادًا كان أو غيره؛ لأن ذلك كله في سبيل الله، ويدلُّ على هذا قوله ﷺ: «من أنفق زوجين في سبيل الله ...» ثم ذكر الصلاة، والجهاد، والصدقة، والصيام، وقد تقدم هذا الحديث (٤) .
قال جماعة من أهل العلم في ذلك: إنه يتناول من جاهد مرتين، أو: صام يومين، أو: صلَّى نفلين، وما أشبه ذلك، فإطلاق اللفظ «في سبيل الله» لا يختص بواحدٍ من سُبل الخير، والله أعلم (٥) .