قوة لا يستهان بها، وشعرت حكومة الاستعمار أن هذه القوة سوف تهدد كيانها ونفوذها، فرأت مناهضة هذه الحركة والقضاء عليها قبل فوات الأوان، ثم انتهزت الفرصة لشن الحرب ضد المسلمين أتباع الدعوة بدعوى حماية كيان أهل التقاليد والعادات من أبناء المنطقة، واستمرت المناوشات والحروب بين هؤلاء وبين المستعمرين ما يزيد عن خمس عشرة سنة (سنة ١٨٢٢ - ١٨٣٧م) وانتهت بانتصار المستعمرين واستيلائهم على منطقة سومطرا الغربية، أرض مينانج كابو. تغلبت قوة الاستعمار في ميدان الحرب على أتباع الدعوة، ولقي معظم رجالها شهادتهم فيه، ولكن الدعوة نفسها لم ينطفئ جمرها ولم يخمد لهبها واستمرت تحرق ما حولها، ثم أخذت تتقد ويعلو لهبها فيما بعد على أيدي رجال مخلصين أمثال الشيخ محمد عبد الله أحمد (١٨٧٨ - ١٩٣٣م) والشيخ الحاج عبد الكريم أمر الله (١٨٧٩ - ١٩٤٥م) والد الدكتور الحاج عبد الملك كريم أمر الله رئيس الهيئة المركزية لمجلس علماء أندونيسيا الحالي، والشيخ محمد جميل جمبيك (١٨٦٠ - ١٩٤٧م) والشيخ الحاج طيب عمر (١٨٧٤ - ١٩٢٠م) غير أنها اتخذت أسلوبا وشكلا جديدين، فأنشئت لها مجالس للتعليم والمحاضرات، وأقيمت المدارس والمعاهد الدينية تحت اسم: "طوالب سومطرة" وأصدرت المجلات ونشرت المطبوعات، منها مجلات "المنير" و"البيان" و"البشير" و"الإتقان" ورسالة "الفوائد العلية" ورسالة "إيقاظ النيام"، وهذه كلها لها آثارها الإصلاحية الواضحة وثمارها الطيبة الجمة. ثم أخذت الحركات السلفية تنتشر في سائر الأقطار، وظهرت في أماكن مختلفة ظهرت في آتشيه تحت قيادة الشيخ الأصفهاني الآتشيهي، وظهرت في جاوا، وكالمنتان، وسولا، ويسى، والجزر الجنوبية الشرقية، ومالوكو وغيرها. ظهرت في جاوا جمعية "محمدية" سنة ١٩١٢م في مدينة جوكيا كرتا عاصمة أندونيسيا السابقة، وجمعية "الإصلاح والإرشاد" سنة ١٩١٤م في جاكرتا العاصمة الحالية وظهرت في باندونج عاصمة منطقة جاوا الغربية التي كانت مقرا للمؤتمر الآسيوي الأفريقي الأول جمعية "الوحدة الإسلامية" سنة ١٩٢٣م.