وما روي عن أبي هريرة أنه ﷺ قال: " وإن أصابك شيء فلا تقل لو فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل " ١ (رواه مسلم) . أما ما يقع في المستقبل فعلينا أن نعمل جهد طاقتنا في تحصيل ما رأينا فيه الخير والمنفعة، ودفع ما رأينا فيه الشر والمضرة، ونستعمل فيه الوسائل، ونسلك فيه الأسباب، ونتعظ بما مضى من تجاربنا، ونعتبر بما وقع حولنا، مستعينين بالله على تحصيل مطلوبنا، وأن لا يقعدنا العجز والفتور، وذكر فيه ما روي عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: " احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزن " ٢ (هذا أول الحديث الآنف الذكر) . وبين أن من أصابته ضراء فليعلم أنها إنما وقعت عليه في ماضيه بقدر الله ومشيئته، فليس له إلا الرضا وحسن الظن بالله، فربما ابتلاه الله لحبه إياه وإرادته الخير به، وذكر حديث أنس ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: " إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة " ٣ (رواه الترمذي والحاكم)، وقوله ﷺ " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط " ٤ (رواه الترمذي عن أنس)، ولا يدخله اليأس والقنوط؛ لأن اليأس والقنوط لا ينبغيان إلا لمن ضل عن الصراط السوي، ولم يؤمن بالقدر، واستدل بقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ ٥. وقوله تعالى: ﴿قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ﴾ ٦. وبما روي عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ سئل عن الكبائر فقال: " الشرك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله " (رواه البزار وابن