145

Inferences of Sheikh Abdul Rahman Al-Saadi from the Holy Quran: Presentation and Study

استنباطات الشيخ عبد الرحمن السعدي من القرآن الكريم عرض ودراسة

Editorial

دار قناديل العلم للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٧ هـ - ٢٠١٦ م

Ubicación del editor

دار ابن حزم

Géneros

كرر الأمر بالهبوط لأن الأول من الجنة والثاني من السماء) (^١).
وما ذكره الكرماني ضعيف من وجهين: أحدهما: أنه قال في الهبوط الأول: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾ [البقرة: ٣٦] فلو كان الاستقرار في الأرض إنما حصل بالهبوط الثاني لكان ذكر قوله: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ﴾ [البقرة: ٣٦] عقيب الهبوط الثاني أولى. وثانيهما: أنه قال في الهبوط الثاني: ﴿اهْبِطُوا مِنْهَا﴾ والضمير في (منها) عائد إلى الجنة. وذلك يقتضي كون الهبوط الثاني من الجنة. (^٢)
الثالث من التوجيهات أن سبب التكرار هو أنه للتأكيد وممن قال به البقاعي، والخازن قال الخازن: (والأصح أنه للتأكيد) (^٣).
والقول بأن التكرار هنا لأجل اختلاف المتعلق وللتأكيد هو الأصح؛ لأن لفظ الآيتين يدل على اختلاف المتعلق، وإعادة اللفظ كاف في قصد التأكيد، قال ابن عاشور: (. . . . كررت جملة ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا﴾ فاحتمل تكريرها أن يكون لأجل ربط النظم في الآية القرآنية من غير أن تكون دالة على تكرير معناها في الكلام الذي خوطب به آدم فيكون هذا التكرير لمجرد اتصال ما تعلق بمدلول ﴿وَقُلْنَا اهْبِطُوا﴾ [البقرة: ٣٦] وذلك قوله: ﴿بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ [البقرة: ٣٦] وقوله: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدَى﴾.
إذ قد فَصَل بين هذين المتعلقين ما اعترض بينهما من قوله: ﴿فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧)﴾ [البقرة: ٣٧] فإنه لو عقب ذلك بقوله: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدَى﴾ لم يرتبط كمال الارتباط ولتوهم السامع أنه خطاب للمؤمنين على عادة القرآن في التفنن فلدفع ذلك أعيد قوله: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا﴾ فهو قول واحد كرر مرتين لربط الكلام ولذلك لم يعطف ﴿قُلْنَا﴾ لأن بينهما شبه كمال الاتصال لتنزل قوله: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا﴾ من قوله: ﴿وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ منزلة التوكيد اللفظي ثم بنى

(^١) انظر: أسرار التكرار (٢٦).
(^٢) انظر: التقسير الكبير (٢/ ٢٥).
(^٣) انظر: نطم الدرر (١/ ٢٩٦)، ولباب التأويل في معاني التنزيل (١/ ٣٩).

1 / 151