السرخسي والد مؤرخنا وكان السلطان سنجر قد قتله فإن رأى العزاوى يصح تماما لأننا لا نجد في كتاب الإنباء تنديدا بالسلجوقيين. غير أن هناك عقبة كؤودا تعترضنا في قبول هذا الرأى وهي أن ابن أرسلان الخوارزمي وهو معاصر له ذكر أن العمراني الخوارزمي توفى في حدود سنة ٥٦٠ هـ دون أن يذكر أنه مات في الحبس أو مقتولا مما يوحى أنه يترجم لشخصية أخرى وإن اتفقت مع الأولى في اسمها وكنيتها واختلفت معها في إحدى النسبتين ثم زاد على ذلك فقال: «وجعل في آخر عمره أيامه مقصورة وأوقاته موقوفة على نشر العلم ...» فإذا كان العمراني الخوارزمي هذا والد مؤرخنا فإنه كان منقطعا للعلم وإفادته حتى وفاته في حدود سنة ٥٦٠ هـ فهو والحال هذه غير العمراني السرخسي ولهذا لا نشعر من مؤرخنا ما يدعو للتنديد بالسلجوقيين لأنهم لم يقتلوا أباه.
ومع كل هذه الافتراضات فقد لا تكون له صلة إطلاقا بأىّ منهما، فلعله أحد العمرانيين الموصليين أو لعله حفيد على بن أحمد العمراني الموصلي العالم بالحساب والهندسة والّذي قال فيه القفطي: «وكان فاضلا جماعا للكتب يقصده الناس للاستفادة منه ومنها، يأتى إليه الطلبة من البلاد النازحة للقراءة عليه. وتوفى في سنة ٣٤٤ هـ» [١] .
إنه لمن العسير علينا أن نقرر إن كان العمراني السرخسي أو الخوارزمي [٢] والد مؤرخنا لندرة المعلومات المتوفرة لدينا عنه أو عنهما، والأعسر من ذلك أن نتبين له شخصية ما في كتابه هذا وأن كل ما نستشف منه في ثنايا كتابه أنه كان مع الخليفة القائم على من يخرج عليه أو يريد به سوءا ولهذا وسم عمرو بن الليث
_________
[١] تاريخ الحكماء وهو مختصر الزوزنى ٢٣٣، وانظر الفهرست ١/ ٢٨٣، تراث العرب العلمي لطوقان ٢٢٢.
[٢] تحتفظ مكتبة شوارى ملي بإيران بنسخة مخطوطة من كتاب «المحاجاة بالمسائل النحوية» للزمخشري رواها العمراني الأدبي الخوارزمي وقرأها على الزمخشريّ ونسخ المخطوطة محمد بن يوسف في رمضان سنة ٥٨٩ هـ وتعد الزميلة الدكتورة بهيجة الحسنى تحقيقا للمخطوطة الآن. وهذا دليل على أن العمراني الخوارزمي كان منقطعا للعلم وهو غير العمراني السرخسي.
1 / 11