ﷺ وهذا لجوده وكرمه «٣» حتى قال رسول الله ﷺ: «إنهما يعذبان في ضحضاح من النار» . ولما أتت عليه اثنتا عشرة سنة وشهران وعشرة أيام ارتحل به أبو طالب تاجرا إلى الشام. فلما نزل تيماء رآه حبر من [رهبان] تيماء يقال له بحيرا الراهب، فقال لأبى طالب: من هذا الغلام الّذي معك؟ [٢ ب] قال: إنه ابن أخى فقال له: أشفيق أنت عليه؟ قال: نعم. قال:
فو الله إن قدمت به الشام ليقتلنه اليهود فإنه عدوّ لهم، فوجّه به إلى مكة. فلما أتت عليه خمس وعشرون سنة وشهران وعشرة أيام خطب إلى خديجة نفسها فحضر أبو طالب ومعه عمها «٤» وسائر رؤساء مضر وخطب أبو طالب وتزوجها. وكان ولده منها سبعة: القاسم وبه كان يكنّى، والطاهر وكان أيضا يكنّى أبا الطاهر، والطيب، وفاطمة، وزينب، ورقية، وأم كلثوم. وأتته النبوة وهو في غار حراء وهو ابن أربعين سنة. وأقام بمكة ثلاث عشرة سنة ثم هاجر إلى المدينة فأقام عندهم عشر سنين. وتوفى صلوات الله عليه وسلامه بالمدينة وقبره بها في المسجد، في حجرة عائشة أم المؤمنين- صلوات الله عليها- ودفن في موضعه الّذي مات فيه وصلى عليه المسلمون أفرادا، وكفّن «٥» في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ولا سراويل «٦»، وسوى لحده وتولى غسله عليّ والعباس والفضل بن العباس وقثم ابن العباس وأسامة بن زيد مولاه وشقران مولاه، ودخل «٧» قبره عليّ والفضل وقثم وشقران، وسجى ببرد حبرة. ومات ﷺ وله ثلاث وستون سنة، وكان مولده يوم الإثنين، ونبّئ يوم الإثنين لأيام خلت من ربيع الأول، وهاجر يوم الاثنين، ومات يوم الاثنين مستهل ربيع الأول ودفن ليلة الأربعاء وكانت مدة مرضه أربعة [٣ أ] عشر يوما- صلوات الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه الطاهرين الطيبين الأكرمين، صلاة دائمة أبدا سرمدا إلى يوم الدين.
1 / 45