العمراني في عهد المستنجد باللَّه الّذي تلا المقتفى في الحكم (٥٥٥ هـ- ٥٦٦ هـ) وتوجد نسخ من هذا الكتاب في مكتبة فاتح تحت رقم ٤١٨٩ ومكتبة ولى الدين تحت رقم ٢٣٦٠. ولم يهتم المؤرخون حتى الآن كثيرا بأمثال هذه الكتب غير أنى أعتقد أنها لا تخلو من فوائد لأنها تعطينا صورة حية عن الحياة (كذا: يعنى للحياة) الاجتماعية في بلاطات الملوك لذلك العهد خلافا لأكثر كتب التاريخ التي لا تعنى إلا بسرد الوقائع السياسية والوفيات فحسب» [١] .
من قول رتر هذا نستخلص أنه لم ير الكتاب أو في الأقل لم يقرأه وإنما ردد ما قاله بروكلمان [٢] الّذي نقل هذا القول من فهرس دى خويه [٣] الّذي قال: «إن الكتاب ذو فائدة قليلة» بيد أنه تراجع عن قوله هذا في الفهرس الثاني له حيث قال:
«إن للكتاب أهمية كبيرة في التعرف على التاريخ الأموي والعباسي بالرغم من وضوح ميل مصنفه للعباسيين واهتمامه الكثير بالحكايات والنوادر وشعر المجون» [٤] .
ونقطة أخرى لا تخلو من فائدة في عرضها وهي أن رتر وأمثاله من المستشرقين يرى «أن تحقيق النصوص التاريخية هو عمل «فيلولوجى» وطريقة هذا العمل تطورت في المائة سنة الأخيرة على أيدي محققي النصوص «الكلاسيكية» اليونانية واللاتينية ... الذين يهتمون في هذه الحلقات بإيضاح المتون وفحص اختلاف روايات المتون واستخراج الصحيح منها ... ولما جاء «الفيلولوجى» العربيّ متأخرا عن «الفيلولوجى الكلاسيكى» كان لا بد له من أن يستقى منه ويتبع الطرق التي كشف هو عنها» (مجلة الأبحاث صفحة ٣٥٩- ٣٦١) .
_________
[١] مجلة الأبحاث، السنة ١٢، الجزء ٣، أيلول ١٩٥٩، صفحة ٣٦٤- ٣٦٥، بيروت.
[٢] ملحق ١/ ٥٨٦.
[٣] لايدن ١٨٥١ صفحة ١٦٢.
[٤] لايدن ١٩٠٧ صفحة ٤٨- ٤٩.
1 / 33