في البائع الذي لا يسلمك شيئًا في مقابل نقودك.
إنك تعرف، لاشك، إذا كنت من سكان مدينة كبيرة في الغرب ذلك الزائر الذي يدق على بابك ليعرض عليك إما «مصاصات الغبار» التي تمتص الغبار من السجاد، وإما تكبير الصور العائلية فيقول أحدهما:
- يا أستاذ، إن الآلة التي أعرضها على حضرتكم لازمة لصحة بيتكم، لأنها تكفيكم شر المكروبات الموجودة في الغبار.
ويقول الثاني:
- يا سيدي، إن دارنا تمكنكم مجانًا من حفظ ذكريات العائلة من التلف .. يجب أن تكبروا صور العائلة كي تحتفظوا بها.
إنك تستمع هذا ... وتبتسم طبعًا لهذه العبارات البريئة، حيث ترى المصلحة الشخصية فيها، وهي تحاول أن تختفي وراء مصلحتك.
ولكن مهما يكن في موقف هذين الزائرين من انتفاعية بسيطة متخفية، فإنهما على كل حال، يعرضان عليك شيئًا معينًا، مقابل نقودك.
ولكن كيف نحكم على من يأتي إلى بابك كي يبيع لك الحضارة؟. إن بعض القيم لا تباع ولا تشترى، ولا تكون في حوزة من يتمتع بها إلا كثمرة جهد متواصل أو هبة تهبها السماء، كما يهب الخلد للأرواح الطاهرة، ويضع الخير في قلوب الأبرار.
فالحضارة من بين هذه القيم التي لا تباع ولا تشترى .. ولا يمكن لأحد من باعة المخلفات أن يبيع لنا منها مثقالا واحدًا ولا يستطيع زائر يدق على بابنا أن يعطينا من «شنطته»، أو من حقيبته الدبلوماسية. ذرة واحدة منها.
فهذه الاعتبارات تجعلنا نقف، من الجلسة التي عقدتها، أخيرًا، أكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية للاستماع إِلى مدام لويزفيس، التي تحث الغرب على