Mujer de Kambu Kdis
امرأة من كمبو كديس
Géneros
أسراب الحدأة والغربان والتي تضع حلقة في السماء ناعقة، «المثقفاتية» مثلي والذين ليس بإمكانهم فعل شيء غير التعليق الذكي الصائب المبرر غير المقنع لغير شريحتهم والمثير للضحك والسخرية من نساء؛ «الكسرة»، العرقي، الشاي وغيرهم من الكادحات، أعضاء المحكمة «المتفلقصين» كمخصيي القرون الوسطى، صديقاتها البائسات، موظفات المجلس، الشامتون، المتعاطفون «معها أو مع السلطة» الجميع، الجميع بدون فرز «أقسم أنهم جميعا أحسوا بمرارة هذا البصاق وكأنه مقذوف في عمق حلوقهم مر كنقع الحنظل.»
ودون أن تحرك فوهتي عينيها عن وجهه انتعلت حذاءها البلاستيكي القديم وشقت طريقها عبر الجمع مصوبة وجهها المجهد شطر بيتها - ساعية بخطى ثابتة سريعة - رغم ما بها من إرهاق، فكان عليها أن تسرع حتى لا تفوت منتصر الصغير رضعة الصباح.
حذاء ساخن
عندما انتصف النهار في ساعة الملازم حديث التخرج المستبد، كانت الشاحنة المجروس عند التقاطع الرئيسي، وعلى السائق أن يتجه شرقا ويسلك الطريق الترابية المؤدية إلى الموقع العسكري الحدودي، الذي يبعد مائة ميل عن مدينة كسلا، لا عربة غير هذه المجروس العجوز على الطريق، لن تكون هناك عربة أخرى، فالمنطقة معلنة كمنطقة عمليات حربية، حولها تنتشر أودية من الألغام البشرية، أما القرى المحيطة بها فهي خالية تماما من السكان، تسكنها الوطاويط، الحيات، الكلاب، القطط المتوحشة والذئاب، حولها الجنود نصف أموات، نصف أحياء، نصف بشر، يعتصمون بجثث آلاتهم الثقيلة، مدافع الهاون، الراجمات وما لا يدري أحد من المميتات.
الشاحنة المجروس تنهق على الشارع الترابي الوعر وهي تقفز على الخيران التي تظهر فجأة أمام السائق، كأنما يدفع بها شيطان ماكر على الطريق، مختلطة سحابة الأغبرة الكثيفة بحر الشمس الصيفية المذاب في الهواء، كان الملازم حديث التخرج المستبد يركب يمين السائق، لئيما متكبرا، يرى بينه وبين نفسه، بين فينة وأخرى، أن الله ما خلق هذا الكون إلا ليصبح مسرحا لعنجهيته، في الحق كان لا يرى في الكون غير فرقته العسكرية ومعسكره الحدودي، إذا اتسعت مخيلته فالعالم هو السودان، أما بقية الدول فهي دول خائنة وعدوة وحتما سيعينه الله على فتحها، أنا حرسه الخاص، أستقل صندوق العربة الضخم المفتوح على السماء مباشرة، لا تحجبه عن الشمس غير الشمس ذاتها. كنت أشوى ببطء؛ فلست أكثر من مجند يؤدي الخدمة العسكرية الإلزامية كرها، وقد ألحقت بها بينما كنت في سفر إلى الخرطوم، بحثا عن وظيفة ما أسد بها رمق أفواه تخصني، صادفت إحدى الكشات، ولو أن كثيرا مما معي من المكشوشين هربوا، إلا أنني استسلمت للأمر الواقع: فلأي واقع بديل أهرب!
الشمس تشويني، أنا مغطى بغبار أحمر ناعم ملعون، أحمل على كتفي بندقية ج3 ثقيلة، محاولا بقدر الإمكان أن أكون في وضع الاستعداد، وأن أكون منتبها، متفحصا الخلاء حولنا، الصحراء قاحلة، ليست بها شجرة واحدة أو حيوان، دعك من إنسان، تبدو الحجارة الصغيرة عليها من بعيد في أحجام الجنادل، هذه الميزة مكنتني - وأيضا السائق والملازم حديث التخرج المستبد - أن نميز وجود رجل على بعد أميال كثيرة، ملابسه البيضاء تجعله كبقعة كبيرة من الضوء بعيدة، بعيدة تصغر كلما قربنا منها، ثم تبيناه: رجل شيخ يحمل إبريقا وجرابا صغيرا وعصا يتوكأ عليها، ولأن الضابط حديث التخرج المتغطرس لديه وهم أن كل من وجد وحيدا على مسافة من منطقة عسكرية هو جاسوس؛ أوقف الشاحنة المجروس الضخمة: انزل يا حارس، وكن في وضع الاستعداد؛ لأنني سأستجوب هذا الجاسوس، فإذا بدرت منه أية بادرة عدوان أطلق الرصاص في الرأس أو القلب.
وكنت صائدا ماهرا (قناصا)؛ لهذا السبب اخترت كحرس لهذا الملازم حديث التخرج المتغطرس. - حاضر سعاتو.
وكلمة سعاتو هذه تعمل في نفس الملازم حديث التخرج فعل السحر؛ فابتسم.
قال العجوز القوي والذي يحمل إبريقا ومخلاة من جلد الماعز صغيرة على ظهره، يرتدي سروالا وقميصا نظيفين، يمشي حافيا، وجهه نظيف، ولو أنه معروق ويبدو عليه الإرهاق: تشيلوني معاكم لقرية سماورا؟
القرية على بعد عشرين ميلا من حيث وجدناه ، تأكد الملازم حديث التخريج أن هذا الشيخ لم يزرع ألغاما، إلا أنه أفتاه قائلا: دي عربية جيش ولا نشيل شخصا مدنيا، واحمد الله على أننا لم نقتلك، تأكد لنا أنك لست سوى سابل جائع منبوذ لا معرفة لك بزراعة الألغام وأمور الحرب، مجرد ملكي ساكت.
Página desconocida