1
هذه المرأة حقيقية من لحم ودم، قابلتها في سجن القناطر منذ بضعة أعوام، كنت أقوم ببحث عن شخصية بعض النساء المتهمات أو المحكوم عليهن في قضايا متنوعة.
وقال لي طبيب السجن: إن هذه المرأة حكم عليها بالإعدام؛ لأنها قتلت رجلا، ولكنها ليست كالقاتلات المقيمات هنا في السجن؛ فهي شخصية مختلفة تماما، ولن تقابلي واحدة مثلها داخل السجن أو خارجه، إنها ترفض مقابلة أحد، وترفض أن ترد على أحد، وهي لا تأكل إلا نادرا، ولا تنام إلا عند الفجر، تراها السجانة أحيانا جالسة شاردة محدقة في الفراغ ساعات طويلة، وذات يوم طلبت ورقة وقلما، وقضت ساعات كثيرة منكفئة فوق الورقة، ولم تعرف السجانة إذا كانت رسالة إلى أحد، أم أنها لم تكتب شيئا على الإطلاق.
وسألت طبيب السجن: وهل هي ستقابلني؟
وقال: سأحاول أن أقنعها بأن تجلس معك بعض الوقت، وربما توافق حين تعلم أنك طبيبة نفسية ولست محققة من النيابة؛ فهي ترفض الإجابة على أي سؤال، وقد رفضت التوقيع على الالتماس لرئيس الدولة من أجل تخفيف الحكم عليها من الإعدام إلى السجن المؤبد.
سألته: من كتب لها هذا الالتماس؟
قال: أنا كتبته لها؛ لأني في الحقيقة لا أشعر أنها قاتلة، لو نظرت في وجهها وعينيها فلا يمكن أن تتصوري أن هذه المرأة الرقيقة يمكن أن تقتل.
وسألته: ومن قال إن عملية القتل لا تحتاج إلى رقة؟!
حملق في وجهي بدهشة لحظة خاطفة، ثم ضحك ضحكة عصبية قصيرة وقال: هل قتلت أحدا؟!
قلت: وهل أنا امرأة رقيقة؟!
Página desconocida