La imamía y la política
الامامة والسياسة
إلى أهل المدينة، أعلمهم فيه قول يزيد، وأحضهم على الطاعة والتسليم، والرضا والقبول لما بذل لهم، وأنهاهم أن يتعرضوا لجيوشه، وقلت لرسولي:
اجهد السير، فدخلها في عشر، فو الله ما أرادوا ذلك ولا قبلوه، وقالوا: والله لا يدخلها عنوة أبدا.
كتاب يزيد إلى أهل المدينة
قال: وكتب يزيد إلى أهل المدينة كتابا، وأمر عثمان بن محمد يقرأه عليهم، فقدم الكتاب المدينة، وعثمان خائف، فقرأه عليهم، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد، فإني قد نفستكم حتى أخلفتكم، ورفعتكم حتى أخرقتكم[ (1) ]، ورفعتكم على رأسي ثم وضعتكم، وايم الله لئن آثرت أن أضعكم تحت قدمي لأطأنكم وطأة أقل منها عددكم وأترككم أحاديث تتناسخ كأحاديث عاد وثمود، وايم الله لا يأتيكم مني أولى من عقوبتي، فلا أفلح من ندم[ (2) ].
ما أجمع عليه أهل المدينة ورأوه من إخراج بني أمية
قال: وذكروا أنه لما قرئ الكتاب، تكلم عبد الله بن مطيع ورجال معه كلاما قبيحا، فلما استبان لهم أن يزيد باعث الجيوش إليهم، أجمعوا على خلافهم[ (3) ]، واختلفوا في الرئاسة أيهم يقوم بهذا الأمر. فقال قائل: ابن مطيع، [ (1) ]أخرقتكم: جعلتكم خرقى أي حمقى.
[ (2) ]قارن مع العقد الفريد 4/388.
[ (3) ]لم يكن كتاب يزيد إلى أهل المدينة السبب في خلافهم عليه، وقد يكون هو العامل الذي حرك الأسباب الحقيقية لتحرك أهل المدينة خاصة ودفعها إلى الواجهة حيث أخذت المواجهة بين المدنيين والحكم الأموي المتمثل بيزيد الطابع الصدامي والأكثر دموية.
ولحركة المدينة أسباب كثيرة منها سياسية ومنها اقتصادية واجتماعية وأهم هذه الأسباب:
-السياسة الأموية التي وضع معاوية بن أبي سفيان خطوطها الأولى كانت وراء الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالمدينة والتي دفعت بها إلى حدود الضيق والفقر (انظر تفاصيل حول هذه السياسة أوردها د. إبراهيم بيضون في كتابه الحجاز والدولة الإسلامية ص 250 وما بعدها) .
-القهر السياسي الذي عانى منه الحجاز عامة، والمدينة ومكة خاصة حيث حظر على زعمائها تجاوز الاهتمامات الاجتماعية والثقافية بعد انتقال الخلافة إلى الشام.
-رفض الحكم الأموي، وقد جاء غياب معاوية فرصة لإظهار هذا الرفض من الخفاء إلى العلن.
وقد كان غيابه مؤشرا للانفجار المرتقب، وقد كان وجوده عاملا في منعه أو تجميده.
Página 229