وليس من شرط المتقين ونحوهم أن لا يقع منهم ذنب، ولا أن يكونوا معصومين من الخطأ والذنوب. فإن هذا لو كان كذلك لم يكن في الأمة متق، بل من تاب من ذنوبه دخل في المتقين، ومن فعل ما يكفر سيئاته دخل في المتقين، كما قال: { إن تجتنبوا كبآئر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما } [النساء: 31].
فدعاء النبي صلى الله عليه وسلم بأن يطهرهم تطهيرا، كدعائه بأن يزكيهم ويطيبهم ويجعلهم متقين ونحو ذلك. ومعلوم أن من استقر أمره على ذلك، فهو داخل في هذا، لا تكون الطهارة التي دعا بها لهم بأعظم مما دعا به لنفسه. وقد قال: "اللهم طهرني من خطاياي بالثلج والبرد والماء البارد". فمن وقع ذنبه مغفورا أو مكفرا فقد طهره الله منه تطهيرا، ولكن من مات متوسخا بذنوبه، فإنه لم يطهر منه في حياته.
وقد يكون من تمام تطهيرهم صيانتهم عن الصدقة التي هي أوساخ الناس. والنبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدعاء أجابه الله بحسب استعدد المحل، فإذا استغفر للمؤمنين والمؤمنات، لم يلزم أن لا يوجد مؤمن مذنب، فإن هذا لو كان واقعا لما عذب مؤمن، لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل يغفر الله لهذا بالتوبة، ولهذا بالحسنات الماحية، ويغفر الله لهذا ذنوبا كثيرة، وإن واحدة بأخرى.
وبالجملة فالتطهير الذي أراده الله، والذي دعا به النبي صلى الله عليه وسلم، ليس هو العصمة بالاتفاق، فإن أهل السنة عنهم لا معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم. والشيعة يقولون: لا معصوم غير النبي صلى الله عليه وسلم والإمام. فقد وقع الاتفاق على انتفاء العصمة المختصة بالنبي صلى الله عليه وسلم والإمام عن أزواجه وبناته وغيرهن من النساء.
Página 80