والله قد اخبر أنه يريد أن يتوب على المؤمنين وأن يطهرهم، وفيهم من تاب، وفيهم من لم يتب، وفيهم من تطهر، وفيهم من لم يتطهر. وإذا كانت الآية دالة على وقوع ما أراده من التطهير وإذهاب الرجس، لم يلزم بمجرد الآية ثبوت ما ادعاه.
ومما يبين ذلك أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مذكورات في الآية، والكلام في الأمر بالتطهير بإيجابه، ووعد الثواب على فعله، والعقاب على تركه. قال تعالى: {يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا، ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما، يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} [الأحزاب: 30-32] إلى قوله: { وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } [الأحزاب: 33].
فالخطاب كله لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ومعهن الأمر والنهي والوعد والوعيد. لكن لما تبين ما في هذا من المنفعة التي تعمهن وتعم غيرهن من أهل البيت، جاء التطهير بهذا الخطاب وغيره، وليس مختصا بأزواجه، بل هو متناول لأهل البيت كلهم، وعلي وفاطمة والحسن والحسين أخص من غيرهم بذلك، ولذلك خصهم النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء لهم.
وهذا كما أن قوله: { لمسجد أسس على التقوى من أول يوم } [التوبة: 108] نزلت بسبب مسجد قباء، لكن الحكم يتناوله ويتناول ما هو أحق منه بذلك، وهو مسجد المدينة.
Página 71