قال أبو الفرج(¬1): "وهذا الحديث هو المتقدم(¬2) سرقه(¬3) بعض هؤلاء الرواة فغير(¬4) إسناده، ومن تغفيله وضعه إياه على أنس؛ فإن أنسا لم يكن بمكة زمن(¬5) المعراج، ولا حين نزول هذه السورة، لأن المعراج كان قبل الهجرة بسنة، وأنس إنما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وفي هذا الإسناد ظلمات.
أما مالك النهشلي فقال ابن حبان: يأتي عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات، وأما ثوبان فهو أخو ذي النون المصري ضعيف في الحديث، وأبو قضاعة منكر الحديث متروكه، وأبو بكر(¬6) العطار وسليمان بن أحمد مجهولان".
الوجه الثالث: أنه مما يبين أنه كذب أن فيه ابن عباس شهد نزول سورة النجم حين انقض الكوكب في منزل علي، وسورة النجم باتفاق الناس من أول ما نزل بمكة، وابن عباس حين مات النبي صلى الله عليه وسلم كان مراهقا للبلوغ لم يحتلم بعد، هكذا ثبت عنه في الصحيحين. فعند نزول هذه الآية: إما أن ابن عباس لم يكن ولد بعد، وإما أنه كان طفلا لا يميز، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر كان لابن عباس نحو خمس سنين، والأقرب أنه لم يكن ولد عند نزول سورة النجم، فإنها من أوائل ما نزل من القرآن.
الوجه الرابع: أنه لم ينقض قط كوكب إلى الأرض بمكة ولا بالمدينة ولا غيرهما. ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كثر الرمي بالشهب، ومع هذا فلم ينزل كوكب إلى الأرض. وهذا ليس من الخوارق التي تعرف في العالم، بل هو من الخوارق التي لا يعرف مثلها في العالم، ولا يروى مثل هذا إلا من هو من أوقح الناس، وأجرئهم على الكذب، وأقلهم حياء ودينا، ولا يروج إلا على من هو من أجهل الناس وأحمقهم، وأقلهم معرفة وعلما.
Página 66