أما أن يكون بيزيستراتوس أو ابنه هيبارخوس
Hipparchus
هو الذي أصدر قرارا يكرم الشعراء المنشدين الجائلين عندما يتسابقون في الإنشاد في عيد البان أثينايا بأن ينشدوا أشعار هوميروس بترتيبها الصحيح وكاملة حسبما جمعت في صورتها الأصلية. أفادت هذه المراجعة لتقف في طريق التشويه المتزايد لنصوص ذلك التراث القيم. وبوسعنا أن نتتبع نسخا من ملحمتي هوميروس موجودة في شتى أنحاء بلاد الإغريق. وبمرور الزمن، تعرضت هذه النسخ أيضا للتغييرات العرفية ولا سيما على أيدي العلماء الذين أرادوا تحسين النص. وأول من فعل ذلك هم العلماء السكندريون الذين وجدوا في هوميروس محورا لدراساتهم اللغوية، وتناولوها بالنقد المنظم لنصوصها. وقد واتتهم فرصة العثور على المخطوطات القديمة لذلك الشاعر في مكتبة الإسكندرية. وكان أول من بدأ هذا العمل هو زينودوتوس
Zenodotus
الإفسوسي، الذى خلفه أريستوفانيس
Aristophanes
البيزنطي، الذى بلغ تلميذه أريستارخوس
Aristarchos
أسمى درجة وصل إليها الأقدمون في النقد اللغوي، وذلك بدراسة أشعار هوميروس. بنيت النسخ التي أخرجها أولئك النقاد السكندريون على الترتيب الذي قام به بيزيستراتوس، وهي نفسها النسخ الأصلية لما لدينا الآن من نصوص أشعار هوميروس.
ومنذ ذلك الوقت حتى آخر العصور الإغريقية القديمة، لم يكف العلماء عن جعل هوميروس نموذجهم في الأعمال التي ما زالت باقية لنا. وحتى في العصور القديمة شغل العلماء أنفسهم بالسؤال عما إذا كانت الإلياذة والأوديسة من إنتاج شاعر واحد. أجيب على هذا السؤال إجابة كاملة بأن اسم هوميروس ظل مدة طويلة يدل على «اسم جمع» ويضم سلسلة طويلة من قصائد البطولة منظومة على نهج نموذجه، اكتشف حقيقتها تدريجيا فيما بعد. ولم يخف على الملاحظة أن الأوديسة في صورتها الفنية العالمية وعلاقتها بالحياة الاجتماعية والأخلاقية والدينية تتبع مرحلة أكثر تقدما مما تتبعها الإلياذة. وهكذا حدث في العصور القديمة أن قررت الطائفة المعروفة باسم الخورنزونتيس
Página desconocida