Iktifa
الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء
Editor
محمد عبد القادر عطا
Editorial
دار الكتب العلمية
Edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٠ هـ
Ubicación del editor
بيروت
ولقى أبو جهل بن هشام رسول الله ﷺ فيما بلغنى، فقال له: والله يا محمد لتتركن سب آلهتنا أو لنسبن إلهك الذى بعثك، فأنزل الله تعالى: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام: ١٠٨]، فذكر لى أن رسول الله ﷺ كف عن سب آلهتهم وجعل يدعوهم إلى الله «١» .
والنضر بن الحارث بن كلدة، من شياطين قريش ممن كان يؤذى رسول الله ﷺ وينصب له العداوة، وكان قدم الحيرة وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس، فكان إذا جلس رسول الله ﷺ مجلسا فذكر فيه بالله ودعا فيه إلى الله وحذر قومه ما أصاب الأمم الخالية من نقمة الله، خلفه فى مجلسه إذا قام ثم قال: أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثا منه، فهلم فأنا أحدثكم أحسن من حديثه. ثم يحدثهم عن رستم الشيذ واسبنديار وملوك فارس، ثم يقول: بماذا محمد أحسن حديثا منى؟ والله ما محمد بأحسن حديثا منى، وما أحاديثه إلا أساطير الأولين اكتتبها كما اكتتبتها، فأنزل الله ﷿ فيه:
وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان: ٥، ٦] وكل ما ذكر فيه الأساطير من القرآن، وأنزل أيضا فيه: يْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها
كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [الجاثية: ٧، ٨] «٢» . وهو القائل: سأنزل مثل ما أنزل الله! فيما ذكر ابن هشام.
قال ابن إسحاق «٣»: وجلس رسول الله ﷺ فيما بلغنى، يوما مع الوليد بن المغيرة فى المسجد، فجاء النضر بن الحارث فجلس معهم فى المجلس، وفيه غير واحد من رجال قريش، فتكلم رسول الله ﷺ فعرض له النضر، فكلمه رسول الله ﷺ حتى أفحمه، ثم تلا عليه وعليهم: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ [الأنبياء: ٩٨، ١٠٠] «٤» .
ثم قام رسول الله ﷺ وأقبل عبد الله بن الزبعرى السهمى حتى جلس، فقال له الوليد: والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب آنفا وما قعد، وقد زعم محمد أنا
(١) ذكره الطبرى فى تفسيره (٧/ ٢٠٧) .
(٢) ذكره ابن كثير فى البداية والنهاية (٣/ ١٣٦) .
(٣) انظر: السيرة (١/ ٢٩٤- ٢٩٥) .
(٤) ذكره ابن كثير فى تفسيره (٥/ ٣٧٥) .
1 / 213