وقيام الليل يوجب علوّ الدرجات في الجنة، قال الله تعالى لنبيه (: (ومن الليل فتهجَّدْ به نافلةً لك عسى أنْ يبعَثك ربُّك مقامًا محمودًا)، فجعل جزاءه على التهجد بالقرآن بالليل أن يبعثه المقام المحمود، وهو أعلى درجاته (.
قال عون بن عبد الله: " إن الله يدخل الجنة أقوامًا فيعطيهم حتى يملّوا، وفوقهم ناس في الدرجات العُلى، فلما نظروا إليهم عرفوهم، فقالوا: ربنا إخواننا كنا معهم، فبم فضلتهم علينا؟ فيقول: هيهات هيهات! إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون، ويظمئون حين تروون، ويقومون حين تنامون، ويشخصون حين تخفضون ".
ويوجب أيضًا نعيم الجنة ما لم يطلع عليه العباد في الدنيا، قال الله ﷿: (تَتَجافى جُنُوبُهُم عن المضاجع يدعون ربَّهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم يُنفقون " فلا تعلم نفسٌ مآ أُخفِيَ لهم من قُرَّة أَعْيُنٍ جزآءً بما كانوا يعملون) . وفي الصحيح عن النبي (قال: " يقول الله ﷿: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. اقرءوا إن شئتم: (فلا تعلمُ نفسٌ ما أُخفِي لهم من قُرَّةِ أعيُنٍ جزاءً بما كانوا يعملون) ". قال بعض السلف: أخفوا لله العمل فأخفى الله لهم الجزاء، فلو قدموا عليه لأقرّ تلك الأعين عنده.
ومما يجزي به المتهجدين في الليل: كثرة الأزواج من الحور العين في الجنة، فإن المتهجد قد ترك لذة النوم ولذة التمتع بأزواجه طلبًا لما عند الله ﷿، فعوضه الله تعالى خيرًا مما تركه وهو الحور العين في الجنة، ومن هنا قال بعض السلف: طول التهجد مهور الحور العين في الجنة. وكان بعض السلف يحيي الليل بالصلاة ففتر عن ذلك، فأتاه آتٍ في منامه فقال له: قد
1 / 87