La elección para explicar la decisión preferida
الاختيار لتعليل المختار
Editor
محمود أبو دقيقة
Editorial
مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)
Edición
الأولى
Año de publicación
1356 AH
Ubicación del editor
القاهرة
Géneros
Jurisprudencia Hanafí
كِتَابُ أَدَبِ الْقَاضِي
الْقَضَاءُ بِالْحَقِّ مِنْ أَقْوَى الْفَرَائِضِ وَأَشْرَفِ الْعِبَادَاتِ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
[كِتَابُ أَدَبِ الْقَاضِي]
الْأَدَبُ: هُوَ التَّخَلُّقُ بِالْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ وَالْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ فِي مُعَاشَرَةِ النَّاسِ وَمُعَامَلَتِهِمْ، وَأَدَبُ الْقَاضِي: الْتِزَامُهُ لِمَا نَدَبَ إِلَيْهِ الشَّرْعُ مِنْ بَسْطِ الْعَدْلِ وَرَفْعِ الظُّلْمِ، وَتَرْكِ الْمَيْلِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى حُدُودِ الشَّرْعِ، وَالْجَرْيِ عَلَى سُنَنِ السُّنَّةِ عَلَى مَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَالْقَضَاءُ فِي اللُّغَةِ لَهُ مَعَانٍ: يَكُونُ بِمَعْنَى الْإِلْزَامِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: ٢٣] وَبِمَعْنَى الْإِخْبَارِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الإسراء: ٤] وَبِمَعْنَى الْفَرَاغِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ﴾ [الجمعة: ١٠] وَبِمَعْنَى التَّقْدِيرِ، يُقَالُ: قَضَى الْحَاكِمُ النَّفَقَةَ: أَيْ قَدَّرَهَا، وَيُسْتَعْمَلُ فِي إِقَامَةِ شَيْءٍ مَقَامَ غَيْرِهِ، يُقَالُ: قَضَى فُلَانٌ دَيْنَهُ: أَيْ أَقَامَ مَا دَفَعَهُ إِلَيْهِ مَقَامَ مَا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ. وَفِي الشَّرْعِ: قَوْلٌ مُلْزِمٌ يَصْدُرُ عَنْ وِلَايَةٍ عَامَّةٍ، وَفِيهِ مَعْنَى اللُّغَةِ، فَكَأَنَّهُ أَلْزَمَهُ بِالْحُكْمِ وَأَخْبَرَهُ بِهِ، وَفَرَغَ مِنَ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا أَوْ فَرَغَا مِنَ الْخُصُومَةِ، وَقَدَّرَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَمَا لَهُ، وَأَقَامَ قَضَاءَهُ مَقَامَ صُلْحِهِمَا وَتَرَاضِيهِمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَاطِعٌ لِلْخُصُومَةِ.
اعْلَمْ أَنَّ (الْقَضَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ أَقْوَى الْفَرَائِضِ وَأَشْرَفِ الْعِبَادَاتِ) وَمَا مِنْ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا وَأَمَرَهُ اللَّهُ بِالْقَضَاءِ، وَأَثْبَتَ لِآدَمَ اسْمَ الْخَلِيفَةِ، وَقَالَ لِنَبِيِّنَا ﵊: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ [المائدة: ٤٩] وَقَالَ لِدَاوُدَ: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ﴾ [ص: ٢٦] وَلِأَنَّ فِيهِ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَإِظْهَارَ الْحَقِّ، وَإِنْصَافَ الْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ، وَإِيصَالَ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَلِأَجْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الشَّرَائِعَ، وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
وَالْقَضَاءُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: وَاجِبٌ، وَهُوَ أَنْ يَتَعَيَّنَ لَهُ، وَلَا يُوجَدَ مَنْ يَصِحُّ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَفْعَلْ أَدَّى إِلَى تَضْيِيعِ الْحُكْمِ، فَيَكُونُ قَبُولُهُ أَمْرًا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيًا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَإِنْصَافَ الْمَظْلُومِينَ مِنَ الظَّالِمِينَ وَأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَمُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ أَنْ يُوجَدَ مَنْ يَصْلُحُ لَكِنْ هُوَ أَصْلَحُ وَأَقْوَمُ بِهِ. وَمُخَيَّرٌ فِيهِ، وَهُوَ أَنْ يَسْتَوِيَ هُوَ وَغَيْرُهُ فِي الصَّلَاحِيَةِ وَالْقِيَامِ بِهِ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ إِنْ شَاءَ قَبِلَهُ، وَإِنْ شَاءَ لَا. وَمَكْرُوهٌ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ، لَكِنَّ غَيْرَهُ أَقْوَمُ بِهِ وَأَصْلَحُ. وَحَرَامٌ، وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ مِنْ نَفْسِهِ الْعَجْزَ عَنْهُ، وَعَدَمَ الْإِنْصَافِ فِيهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ بَاطِنِهِ مِنَ اتِّبَاعِ الْهَوَى مَا لَا يَعْرِفُونَهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ رِزْقُهُ وَكِفَايَتُهُ وَكِفَايَةُ أَهْلِهِ وَأَعْوَانِهِ وَمَنْ يُمَوِّنُهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ لِحَقِّ الْعَامَّةِ، فَلَوْلَا الْكِفَايَةُ رُبَّمَا طَمِعَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ، وَلِهَذَا قَالُوا: يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقَلِّدَ الْقَضَاءَ مَنْ لَهُ ثَرْوَةٌ لِئَلَّا يَطْمَعَ
2 / 82