134

La elección para explicar la decisión preferida

الاختيار لتعليل المختار

Editor

محمود أبو دقيقة

Editorial

مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1356 AH

Ubicación del editor

القاهرة

فَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ عُذْرٍ سَاعَةً (سم) فَسَدَ، وَيُكْرَهُ لَهُ الصَّمْتُ، وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِخَيْرٍ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ وَدَوَاعِيهِ، فَإِنْ جَامَعَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا بَطَلَ، وَمَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ لَزِمَتْهُ بِلَيَالِيهَا مُتَتَابِعَةً، وَلَوْ نَوَى النَّهَارَ خَاصَّةً صُدِّقَ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
ﷺ مَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ مُعْتَكَفِهِ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ»، وَالْحَاجَةُ: بَوْلٌ أَوْ غَائِطٌ أَوْ غُسْلُ جَنَابَةٍ، وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهَا وَلَا يُمْكِنُ قَضَاؤُهَا فِي الْمَسْجِدِ فَكَانَ مُسْتَثْنًى ضَرُورَةً وَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَلِأَنَّهَا مِنْ أَهَمِّ الْحَوَائِجِ وَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهَا.
وَلِأَنَّ الِاعْتِكَافَ تَقَرُّبٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِتَرْكِ الْمَعَاصِي، وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ مَعْصِيَةٌ، فَيُنَافِيهِ وَيَخْرُجُ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ أَدَاءَ السُّنَّةِ قَبْلَهَا. وَقِيلَ: قَدْرَ سِتِّ رَكَعَاتٍ، يَعْنِي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ أَيْضًا، وَيُصَلِّي بَعْدَهَا أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا، وَلَوْ أَطَالَ الْمُكْثَ جَازَ، إِلَّا أَنَّ الْأَوْلَى الْعَوْدُ إِلَى مُعْتَكَفِهِ لِأَنَّهُ عَقَدَهُ فِيهِ فَلَا يُؤَدِّيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ.
قَالَ: (فَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ عُذْرٍ سَاعَةً فَسَدَ) لِوُجُودِ الْمُنَافِي. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَفْسُدُ حَتَّى يَكُونَ أَكْثَرَ النَّهَارِ اعْتِبَارًا بِالْأَكْثَرِ، وَيَكُونُ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ وَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَزَوَاجُهُ وَرَجْعَتُهُ بِالْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى هَذِهِ الْأَشْغَالِ وَيُمْكِنُ قَضَاؤُهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَلِأَنَّهُ ﵊ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَأْوًى إِلَّا الْمَسْجِدَ، وَكَانَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَتَحَدَّثُ، وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ حَدِيثٌ، لَكِنْ يُكْرَهُ حُضُورُ السِّلَعِ الْمَسْجِدَ لِمَا فِيهِ مِنْ شَغْلِ الْمَسْجِدِ بِهَا.
قَالَ: (وَيُكْرَهُ لَهُ الصَّمْتُ) لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْمَجُوسِ، وَقَدْ نَهَى ﵊ عَنْ صَوْمِ الصَّمْتِ. قَالَ: (وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِخَيْرٍ) لِأَنَّهُ يُكْرَهُ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ وَفِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، فَالْمُعْتَكِفُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْلَى.
قَالَ: (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ وَدَوَاعِيهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧] فَكَانَتِ الْمُبَاشَرَةُ مِنْ مَحْظُورَاتِ الِاعْتِكَافِ فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ، وَكَذَا دَوَاعِيهِ وَهُوَ اللَّمْسُ وَالْقُبْلَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ كَمَا فِي الْحَجِّ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ رُكْنُهُ فَلَا يَتَعَدَّى إِلَى الدَّوَاعِي.
قَالَ: (فَإِنْ جَامَعَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا بَطَلَ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ مِنْ مَحْظُورَاتِهِ فَيُفْسِدُهُ كَالْإِحْرَامِ، وَكَذَا إِذَا أَنْزَلَ بِقُبْلَةٍ أَوْ لَمْسٍ لِوُجُودِ مَعْنَى الْجِمَاعِ. وَأَمَّا النِّسْيَانُ فَلِأَنَّ الْحَالَةَ مُذَكِّرَةٌ فَلَا يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ كَالْحَجِّ بِخِلَافِ الصَّوْمِ.
قَالَ: (وَمَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ لَزِمَتْهُ بِلَيَالِيهَا مُتَتَابِعَةً) لِأَنَّ ذِكْرَ جَمْعٍ مِنَ الْأَيَّامِ يَنْتَظِمُ مَا بِإِزَائِهَا مِنَ اللَّيَالِي كَمَا فِي قِصَّةِ زَكَرِيَّا ﵇. قَالَ تَعَالَى: ﴿ثَلاثَةَ أَيَّامٍ﴾ [آل عمران: ٤١] وَقَالَ: ﴿ثَلاثَ لَيَالٍ﴾ [مريم: ١٠] وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ، وَيُقَالُ: مَا رَأَيْتُكَ مُنْذُ أَيَّامٍ، وَيُرِيدُ اللَّيَالِيَ أَيْضًا. وَأَمَّا التَّتَابُعُ فَإِنَّ الِاعْتِكَافَ يَصِحُّ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَكَانَ الْأَصْلُ فِيهِ التَّتَابُعَ كَمَا فِي الْأَيْمَانِ وَالْإِجَارَاتِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ إِذَا الْتَزَمَ أَيَّامًا حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ التَّفْرِيقُ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلصَّوْمِ فَلَا يَلْزَمُ إِلَّا أَنْ يَشْرِطَهُ.
(وَلَوْ نَوَى النَّهَارَ خَاصَّةً صَدَقَ) لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ

1 / 138