وتأمل كيف قال الله: ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾ فوحَّده، ثم قال: ﴿وَتَرَكَهُمْ [ب/ق ٩ أ] فِي ظُلُمَاتٍ﴾ فجمعها، فإن (^١) الحق واحد، وهو صراط الله المستقيم الذي لا صراط يوصل إليه سواه، وهو عبادته وحده لا شريك له، بما شرعه على لسان رسوله ﷺ، لا بالأهواء والبدع وطرق الخارجين عما بُعث به (^٢) رسوله من الهدى ودين الحق؛ بخلاف طرق الباطل؛ فإنها متعددة متشعبة. ولهذا يُفْرد ﷾ الحق، ويجمع الباطل، كقوله: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ [البقرة/ ٢٥٧].
وقال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام/١٥٣].
فجمع سُبُل الباطل، ووحَّد سبيله (^٣) الحق، ولا يناقض هذا قوله تعالى: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾ [المائدة/ ١٦]؛ فإن تلك هي طرق مرضاته [ظ/ق ٧ ب] التي يجمعها سبيله الواحد وصراطه المستقيم، فإن طرق مرضاته (^٤) كلها ترجع إلى صراطٍ واحدٍ وسبيلٍ واحدٍ،