8
رأينا في الصرف
وقد وجب أن ننصرف عما قرر النحاة في هذا الباب، بعدما تبين أنه لا يمثل العربية ولا يساير أحكامها، وآن أن نرجع إلى أصلنا في الصرف ومنعه، فنزيد بيانه، ونذكر ما بدا لنا من دليله.
قلنا إن التنوين للتنكير، وقد نص النحاة على هذا أيضا، فقالوا: إن التنوين يدل على التنكير في المبنيات وحدها دون المعربات؛ يقولون: سيبويه منونا لكل من سمي بهذا الاسم، وسيبويه بغير تنوين لمخصوص معين؛ وكذلك صه بالتنوين للكف عن كل حديث، وصه بلا تنوين للكف عن حديث خاص، ونحن لا نقبل تخصيصهم هذا ولا قصرهم تنوين التنكير على المبنيات، بل نرى أنه في المعرب أكثر دلالة على التنكير وأوسع استعمالا، وأن حذفه آية ظاهرة على التعريف، وإذا عددنا المعارف لم نجد التنوين يدخل واحدا منها إلا العلم.
فالضمير، والإشارة، والموصولات،
9
والمضاف، والمعرف بأل، والمنادى المعين، لا يدخل التنوين شيئا منها.
والعلم وحده هو الذي يجب أن ننظر فيه لنرى لم دخل التنوين بعض الأعلام وهي معارف؟ وسترى أن الجواب قريب، وسنقدمه من أقوال النحاة المتقدمين.
قرأت قريبا ما يقولون في سيبويه منونا وغير منون، وأن التنوين فيه يدل على معنى التنكير - وهو علم في كلا الحالين - فدلونا على أن العلم يدخله معنى التنكير والتعميم، وقد وضح هذا المعنى الإمام أبو سعيد السيرافي في شرحه لكتاب سيبويه ببيان واسع واضح، قال: «اعلم أن المعرفة تشارك النكرة في موضعين، وإنما يكون التعريف والتنكير فيهما على قصد المتكلم، وذلك في الأسماء الأعلام، وفي الأسماء المضافة التي يمكن فيها التنوين، وتجعل إضافتها لفظية.
تقول في الأعلام: جاء زيد وزيد آخر، ومررت بعثمان وعثمان آخر، وما كل إبراهيم أبو إسحاق.
Página desconocida