يقول النحاة في تحديد علم النحو: إنه علم يعرف به أحوال أواخر الكلم إعرابا وبناء.
1
فيقصرون بحثه على الحرف الأخير من الكلمة، بل على خاصة من خواصه، وهي الإعراب والبناء، ثم هم لا يعنون كثيرا بالبناء ولا يطيلون البحث في أحكامه، وإنما يجعلون همهم منه بيان أسبابه وعلله.
فغاية النحو بيان الإعراب وتفصيل أحكامه، حتى سماه بعضهم علم الإعراب؛
2
وفي هذا التحديد تضييق شديد لدائرة البحث النحوي، وتقصير لمداه، وحصر له في جزء يسير مما ينبغي أن يتناوله، فإن النحو - كما ترى، وكما يجب أن يكون - هو قانون تأليف الكلام، وبيان لكل ما يجب أن تكون عليه الكلمة في الجملة، والجملة مع الجمل، حتى تتسق العبارة ويمكن أن تؤدي معناها.
وذلك أن لكل كلمة وهي منفردة معنى خاصا تتكفل اللغة ببيانه، وللكلمات مركبة معنى؛ هو صورة لما في أنفسنا، ولما نقصد أن نعبر عنه ونؤديه إلى الناس. وتأليف الكلمات في كل لغة يجري على نظام خاص بها، لا تكون العبارات مفهمة ولا مصورة لما يراد حتى تجري عليه، ولا تزيغ عنه.
والقوانين التي تمثل هذا النظام وتحدده تستقر في نفوس المتكلمين وملكاتهم، وعنها يصدر الكلام، فإذا كشفت ووضعت ودونت فهي علم النحو.
ولو عرضت عليك جملة من لغة لا تعرفها، وبينت لك مفرداتها كلمة كلمة، ما كان ذلك كافيا في فهمك معنى الجملة، وإحاطتك بمدلولها، حتى تعرف نظام هذه اللغة في تأليف كلماتها، وبناء جملها، وذلك هو نحوها.
وكثير من اللغات لا إعراب فيها، ولا تبديل لآخر كلماتها، ولها مع ذلك نحو وقواعد مفصلة تبين نظام العبارة، وقوانين تأليف الكلم.
Página desconocida