وقوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا...} الآية، فقد أورد على الاستدلال بالأولى منهما سؤالات قوية وقد رام البيضاوي في مختصر الكشاف أن يحقق صحة الاستدلال بها فلم يكد يعي كلامه بمقصود، ولذا قال في آخره ما نصه، وقد استقصيت الكلام فيه في مرصاد الأفهام إلى مبادئ الأحكام، هذا كلامه، وكذا قد حاول في منهاجه ايصا أن يقرر الاستدلال بها مع التعرض لرد ما أورد على ذلك فلم يكد يتم الاستدلال على الوجه الأكمل.
وأما الآية الثانية: فقد جعلوا دلالتها على حجية اجماع الأمة متوقفة على ثبوت أنه الله تعالى هو الخالق لأفعال العباد والمؤثر في جميع الذي يصدر عنهم من قول وفعل كما أشار إليه اليبضاوي في منهاجه، وقرره االجمال الأسنوي في شرحه، وإذا كانت دلالتها متوقفة على ذلك بطلت أي الدلالة؛ لأنها حينئذ تستلزم ممتنعا وهو بطلان التكاليف وسقوط الأوامر والنواهي، ولا سبيل إلى دعوى الكسب في هذا المقام؛ لأن هذة الآية إذا توقفت دلالتها على الجبر لم تتوقف علىيه إلا مطلقا لا يقيد ثبوتا لكسب وكمل دل على مطلق الخبر الخالص كان مستلزما لممتنع، وكلما كان مستلزما لممتنع كان باطلا قطعا واجماعا، ونحن نسلم حجية اجماع الأمة لكن لا نسلم أنه يصح انعقاده بعد اتفاق أهل البيت على ترك المبايعة لأبي بكر وإلا لزم أنهم ........على باطل، لكن اللازم باطل لمخالفته النضر من آيتي التطهير والمودة، وأحاديث عدة، وبهذا اتضح أن القول بأن عليا في مدة تأخره عن المبايعة لأبي بكر كان على باكل لمفارقته الجماعة وعدوله عن طائفة الحق، ليس [156]............................................
Página 338