فإن كثيرا منهم فضلا عن غيرهم لم يفهمه على وجهه، وأيضا يلزمهم الاشتراك إذا قالوا أن عمل العبد عمل له حقيقة وعمل لله حقيقة، وهذا مع أنه عدول عن الأصل بلا دليل يستلزم أن الله تعالى عامل وفاعل لأعمال العباد، وهذا قد تبرئ من الذهاب إليه سعد الدين، وقال: إن الله وإن كان تعالى خالقا لأفعال العباد لكنه ليس فاعلا لها كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ولا سبيل إلى الثاني أيضا؛ لأنه يستلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز على تقدير التفهم لما هو من أعمال العباد، وحقيقة ما ليس من أعمالهم إلا مجازا كالآثار الخارجية عن محل الكسب والاكتساب عندهم.
وأما على تقدير عدم التعميم لما هو من أعمال العباد وحقيقة فلا فائدة فيه ولا وجه في مقابلة المعتزلة وسائر العدلية؛ أنه قول بأن الله تعالى خالق لأعماله التي ليست أعمالا للعباد حقيقة، وهذا لا خلاف فيه لأحد من الناس كافة، فما فائدة المعترض في إيراده، وسيأتي لهذا المقام في الكلام على كونه تعالى فعالا لما يريد.
الثالث: من وجوب فساد كلامه أن كثيرا مما هو من خلق الله تعالى .......يسمى عملا كما لا يسمى عاملا كالبحر والهواء والسماء والأرض، وسائر الأجرام التي فطرها الله تعالى واخترعها اختراعا بلا آلة ولا سبب، فتعميمه للعمال والأعمال لا يتناول أكثر المخلوقات التي ما امتدح الله تعالى إلا بخلقه لها، وأمر عباده بالتفكر فيها من العلويات والسفليات لا بخلق المعاصي والفحشاء، فتعميمه الفاسد ناقص غير رضي ولا جار على ميزان ما أثنى به تعالى على نفسه وامتدح بها وإنما هة جار على نحو ميزان مذهب الأشعرري وهو ميزان مكسور بيد الحق بتحقيق كما مر، وسيأتي في مواضع مفصلة ومجملة.
Página 23