وبالجملة فمجرد الجزم بأنه رسول لا يستلزم الجزم بأن جميع ما جاء به يدفع ذلك في الجزم بأن الله تعالى لا يكذب، ولا يصدق الكاذب، ولا يرسل.... إما عقلي أو نقلي، والثاني يستلزم الدور كما مر، والأول هو المطلوب للأشاعرة ومن يحذو حذوهم من نفاة الحسن والقبح العقليين فلا بد لهم .... ارتفع أمانيهم عن الشرائه بأسرها فليعترفوا به من الأمر بلا تطويل مسافة.... ذلك الاعتبار، وإظهار المعجزة كلاما إنشائيا لا يكفي في دفع لزوم الدور.... الحسن والقبح عقلا لشيء آخر غير هذا الذي ذكرناه، وهو أن كل إنشاء... ..... خبريه تتصف إنما بالصدق أو بالكذب ضرورة.... متضمن لقضية معناها وكمالتك مطلوبة لي أو نحو ذلك، وبهذا ... الكلام النفسي، وأثبت المعتزلة الإرادة في الأمر كما سيأتي، فالكلام هذا ..... بين الفريقين، وهذه القضية التي تضمنها الإنشاء أو ما شابهها لا بد .... وتحقيقه أن الألفاظ المقيدة أعم، وألفاظ الإنشاء والخبر....... في الواقع، ونفس الأمر، وهي التي تكون باعثة للمتكم على الكلام، وإيقاع.... تحتاج إلى التغيير عنها باللفظ الدال عليها فالمتكم أنا يتكلم باللفظ..... وبيعثه لا أنه يتكلم بشيء آخر، فإن قولك لصاحبك انزل.....دالة على أن نزوله عندكم مطلوب لك، وإنما أوقعت .... لك المعنى وهو الذي دعاك إلى إيقاع هذا اللفظ فهو سابق من أثبت الكلام النفسي، وحينئذ فلا فرق بين الإنشاء والخبر الخارج -أي الثابت في الخارج والواقع- إلا أنه يكون في الخبر مقصودا للمتكلم [50] دون الإنشاء، فإن القائل مثلا قم أو اقعد لا يقصد أن القيام أو القعود مطلوب له من اللفظ -أعني أنه لا يقصد أن اللفظ إخبار عن كون القيام أو القعود مطلوبا له- وإن كان لفظا لآمر ونحوه يدل على ذلك فتدبر.
فإن قلت: هذا ..... بأن لنسبة الإنشاء خارجا....... مطابقة تلك النسبة أولا تطابقه، هذا خلاف ما تقرر في أن الإنشاء خارج له أصلا، وإلا لزم عدم الفرق بين الإنشاء والخبر، ولا يكون بينهما تغاير إلا في اللفظ وهو باطل قطعا، كما يدل عليه كلام السكاكي في المفتاح، وابن القزويني في تلخيصه.
قلت: قد أشار سعد في شرحه المختصر إلى ما ذكرنا حيث قال في شرح قول ابن القزويني: إن كان ..........خارج تطابقه أو لا تطابقه فخبر، وإلا فإنشاء ما قصد من غير قصد ...... إلى كونه دالا على..... حاصلة في الواقع إلى قوله: بحيث يقصد أن لها نسبة خارجية إلى آخره، ففي قوله: من غير قصد إلخ، إشارة منه إلى أن للإنشاء خارجا لكنه لا يقصد قيد ما يقصد في الخارج الثابت للخبر من المطابقة، وغيرها، ثم أنه -أي السعد- كرر هذه الإشارة تأكيدا لذلك حيث قال: بحيث يقصد إلخ.
وقال في المطول: فإنه لا خارج له يقصد مطابقته فالنفي في هذه العبارة متوجه إلى القيد فقط -أي قوله: يقصد- وقد تنبه لهذا السيد الفاضل عيسى الصفوي الأيجي، وذكر الشيخ ابن القاسم العبادي في حواشي المختصر، بل نقول: أن قوله ابن القزويني يطابقه أو لا يطابقه مشعر بما أشعر به.
Página 115