وإن كان الثاني: يلزم أحد الأمرين: وهو إما رجحان الاشتراك على النقل، أو مساواته، وإنما أيما كان لا يكون النقل راجحا.
وإن كان الثالث، وهو ثبوت ملزوم أرجحية الاشتراك، فتثبت راجحية الاشتراك ضرورة ثبوت الملزوم، فلا يكون النقل راجحا، وهو المطلوب.
ولا يمكن المستدل أن يقول: لا شيء من الأمور بثابت؛ لأن ما ذكرناه من الدليل مستلزم لعدم رجحان موجبية التساوي، التي هي أحد الأمور الثلاثة، وهي منشأ هذه النكتة، فلا ثبت أحد الأمور.
لأنا نقول: ما ذكرناه من الدليل دل على ثبوت مفهوم أحدها، الذي هو أعم من رجحان موجبية التساوي، وما ذكرتموه يقتضي نفي رجحان موجبية التساوي التي هي أخص من أحد الأمور، ولا يلزم من انتفاء الأخص انتفاء الأعم، فما ذكرتموه لا يرد علينا [17/أ] ألبتة، لعدم منافاته.
وليعلم الفقيه بطلان هذا الجواب في سائر ما يحاوله من النكت، فإنه ربما اعتقده الغبي جوابا.
وهذا المعنى هو الباعث للبخاريين على الاستدلال بالمنكرات دون المعرفات، فإن المعرف يقبل صحة مثل هذا الجواب، والمنكر لا يقبله، وهو سر من أسرار الجدل.
النكتة الثانية: أن إحدى الملازمتين صادقة، وهي إما صدق قولنا: (لو انتفى رجحان ما ذكرتموه أو لو ثبت رجحان ما ذكرتموه لانتفى لازم عدم رجحان ما ذكرناه) وأيا ما كان لا يثبت ما ذكرتموه.
وإنما قلنا: إن إحدى الملازمتين صادقة؛ لأن رجحان ما ذكرتموه إما يكون واقعا أو لا يكون: وأيا ما كان يلزم صدق إحداهما:
Página 51