الفصل العاشر: في تعارض المجاز والتخصيص
وله أمثلة:
الأول: يقول المالكي: لا يجوز للجنب العبور في المسجد؛ لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل} النساء/42.
وجه التمسك به أنه استثنى السبيل عنه، وهو بقعة صالحة للصلاة من حيث الجملة، فيكون المستثنى عنه مباشرة أماكن، ويكون قد عبر عن مواضع الصلاة بها، من باب الملازمة، ثم استثنى الطرق.
فيقول السائل: الأصل في الاستعمال الحقيقة، بل المراد بالصلاة الصلاة نفسها، ويكون معنى الآية: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى، ولا جنبا إلا عابري سبيل، معناه: فاقربوها جنبا بالتيمم إن عدمتم الماء، فإن التيمم لا يرفع الحدث، والمراد بعبور السبيل السفر، ويكون التيمم في الحضر مخصصا لهذه الآية، والتخصيص أولى من المجاز لما تقرر في علم الأصول.
فيقول المستدل: هذا الترجيح مندفع بقوله تعالى {في بيوت [15/ب] أذن الله أن ترفع} النور/36، ومن رفعها أن لا يقربها الجنب.
الثاني: يقول الحنفي: إذا أدرك الإمام في تشهد الجمعة أتمها جمعة، لقوله صلى الله عليه وسلم «إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة والوقار, فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» (¬1) . وهذا عام في القليل والكثير.
Página 48