الفصل الثاني: في أمثلة الاشتراك والإضمار
الأول: يقول المالكي: إذا فرط في الزكاة ضمنها، لقوله <: (ليس فيما دون مائتي درهم صدقة، فإذا بلغت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم) (¬1) ولفظة (في) مشتركة بين الظرفية، وهو ظاهر، وبين السببية، كقوله <: «وفى النفس المؤمنة مائة من الإبل» (¬2) . والإبل لا تكون مظروفة للنفس، فتعينت السببية حتى يكون معنى الكلام: بسبب قتل النفس المؤمنة تجب مائة من الإبل، فالظرفية متعذرة في صورة النزاع، فتعينت السببية.
وإنما قلنا: إن الظرفية متعذرة لأن قوله «فى خمس من الإبل» (¬3) . ليست الإبل ظرفا للشاة عملا بالحس، والباب واحد [8/ب] وإذا تعذرت الظرفية تعينت السببية، وقد وجد السبب في حقه فيجب المسبب عليه، والأصل بقاء ما كان على حاله.
فيقول الحنفي: الاشتراك على خلاف الأصل، وها هنا ما هو أولى بكلام الشرع منه، وهو إضمار قولنا: زنة خمسة دراهم، والمائتان مشتملة على هذه الزنة، والإبل على قيمة الشاة.
فيقول المستدل: ما ذكرته من الترجيح مدفوع بالاستصحاب، والإضمار أولى من الاشتراك على ما تقرر في علم الأصول.
Página 31