متجانف بإثم (1) أو متورط في الهلكة محب للفتنة.
فقام الحباب بن المنذر ثانية فقال يا معشر الأنصار أمسكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقال هذا الجاهل وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر وإن أبوا أن يكون منا أمير ومنهم أمير فأجلوهم عن بلادكم وتولوا هذا الأمر عليهم فأنتم والله أحق به منهم فقد دان بأسيافكم قبل هذا الوقت من لم يكن يدين بغيرها وأنا جذيلها المحكك وعذيقها المرحب (2) المرجب والله لئن أحد رد قولي لأحطمن أنفه بالسيف.
قال عمر بن الخطاب فلما كان الحباب هو الذي يجيبني لم يكن لي معه كلام فارغ فإنه جرت بيني وبينه منازعة في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فنهاني رسول الله صلى الله عليه وآله عن مهاترته (3) فحلفت أن لا أكلمه أبدا.
قال عمر لأبي عبيدة تكلم فقام أبو عبيدة بن الجراح وتكلم بكلام كثير وذكر فيه فضائل الأنصار وكان بشير بن سعد سيدا من سادات الأنصار لما رأى اجتماع الأنصار على سعد بن عبادة لتأميره حسده وسعى في إفساد الأمر عليه وتكلم في ذلك ورضي بتأمير قريش وحث الناس كلهم لا سيما الأنصار على الرضا بما يفعله المهاجرون.
فقال أبو بكر هذا عمر وأبو عبيدة شيخان من قريش فبايعوا أيهما شئتم.
فقال عمر وأبو عبيدة ما نتولى هذا الأمر عليك امدد يدك نبايعك فقال بشير بن سعد وأنا ثالثكما.
وكان سيد الأوس وكان سعد بن عبادة سيد الخزرج فلما رأت الأوس صنيع سيدها بشير وما ادعت إليه الخزرج من تأمير سعد أكبوا على أبي بكر بالبيعة وتكاثروا على ذلك وتزاحموا فجعلوا يطئون سعدا من شدة الزحمة وهو بينهم على فراشه مريض فقال قتلتموني قال عمر اقتلوا سعدا قتله الله فوثب قيس بن سعد فأخذ بلحية عمر وقال والله يا ابن صهاك الجبان في الحرب والفرار الليث في الملإ والأمن لو حركت منه شعرة ما رجعت وفي وجهك واضحة (4).
فقال أبو بكر مهلا يا عمر مهلا فإن الرفق أبلغ وأفضل.
فقال سعد يا ابن صهاك وكانت جدة عمر الحبشية أما والله لو أن لي قوة على النهوض لسمعتها مني في سككها زئيرا أزعجك وأصحابك منها ولألحقتكما بقوم كنتما فيهم أذنابا أذلاء تابعين غير متبوعين لقد اجترأتما.
ثم قال للخزرج احملوني من مكان الفتنة ، فحملوه وأدخلوه منزله فلما كان بعد ذلك بعث إليه أبو بكر أن قد بايع الناس فبايع فقال لا والله حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي وأخضب منكم سنان رمحي وأضربكم
Página 72