نافع عن أبي نعيم عن عبيد الله بن الزبير عن أبيه قال غدوت مع عمر بن الخطاب إلى السوق وهو متكئ على يدي فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة فقال ألا تكلم مولاي يضع عني من خراجي قال كم خراجك قال دينار قال ما أرى لن أفعل إنك لعامل محسن وما هذا بكثير ثم قال له عمر ألا تعمل لي رحى قال علي فلما ولي قال له أبو لؤلؤة لأعملن لك رحى يتحدث بها ما بين المشرق والغرب قال فوقع في نفسي قوله فلما كان في النداء لصلاة الصبح خرج عمر إلى الناس يؤذنهم للصلاة قال ابن الزبير وأنا في مصلاي واضطجع له عدو الله أبو لؤلؤة بالسكين ست طعنات إحداهن من تحت سرته وهو قتله إلى آخر الرواية ولو سلم عدم وصية عمر بقتل عبيد الله إن لم يقم البينة على هرمزان فيبقى اعتراض عدم جواز العفو مع وجود جماعة من أوليائه كما ذكره المرتضى قدس سره وما ذكره الناصب في دفع ذلك من أنه لم يكن لهرمزان ولي لأنه كان ملك الأهواز أو كان غريبا في المدينة ففيه من التمحل والتعليل العليل ما لا يخفى إذ لا يقتضي شئ من كونه ملك الأهواز أو كونه غريبا في المدينة أن لا يكون له مع عظم شأنه ولي بل كونه ملكا للأهواز أن يكون له أهل وأولاد وإخوان ولو في الأهواز وأما ما ذكره في تأويل قول أمير المؤمنين (ع) لعبيد الله لأضربن عنقك فالإضراب عنه أولى كما لا يخفى وأما ما ذكره من أن العلماء قالوا الأصل إن ما جرى لم يجر إلا بحق فالظاهر أن القايل بهذا علماء أهل السنة وأمثالهم من المجبرة والملاحدة والمباحية فإنهم لما رأوا أنفسهم عاجزين عن إصلاح قبايح أسلافهم وقصدوا تمهيد عذر لأنفسهم فيما ارتكبوه من المنهيات قرروا هذا العذر البارد وربما نسبوه إلى أكابر الصوفية وهل يقول عارف معترف بحقية التكاليف من الأمر والنهي والوعد والوعيد والحلال والحرام إن الزنا واللواط والسرقة وأمثالها الجارية في كل زمان قد جرت بحق وهل هذا إلا خلاعة عن الدين ودخولا في ضرب الملحدين قال المصنف رفع الله درجته ومنها إن الصحابة تبرؤوا منه فإنهم تركوه بعد قتله ثلاثة أيام ولم يدفنوه ولا أنكروا على من أجلب عليه من أهل الأمصار بل أسلموه ولم يدفعوا عنه بل أعانوا عليه ولم يمنعوا من حضره ولا من منع الماء عنه ولا من قتله مع تمكنهم من ذلك كله وروي عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال الله قتله وأنا معه أي أنا مع الله أحكم بما حكم الله به وروى الواقدي أن أهل المدينة منعوا من الصلاة عليه حتى حمل بين المغرب والعشية ولم يشهد جنازته غير مروان وثلاثة من مواليه ولما أحسوا بذلك رموه بالحجارة وذكروه بأسوء الذكر ولن يقع التمكن من دفنه إلا بعد أن أنكر أمير المؤمنين المنع من دفنه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول أما قوله إن الصحابة تبرؤوا منه فهذا أمر غير ثابت لأن أكبر الصحابة كان أمير المؤمنين (ع) وقد اتفق جميع أرباب التواريخ أن أمير المؤمنين حين حاصروا عثمان في الدار بعث إليه الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية وأولاد جعفر شاكين في السلاح ليعينوه فطلبهم عثمان وأنشدهم بالله أن يرجعوا وقال لهم إن النبي (ص) عهد إلي إني أدخل الجنة على بلوى أصيبه وأنا أصبر واحتسب فارجعوا كما روى في الصحاح عن أبي سهلة قال قال لي عثمان يوم الدار إن رسول الله (ص) قد عهد إلي عهدا وأنا صابر عليه فكيف يقال إن الصحابة سلموه إلى من أجلب عليه من الأمصار ولم يدفعوا عنه وقد ثبت أن أمير المؤمنين (ع) أعانه بأولاده وأفلاذ كبده وهذا مما اتفق عليه الرواة ولا شك أن عثمان كان إماما مظلوما شهيدا وهو كان على الحق وأعدائه على الباطل كما روي في الصحاح عن مرة بن كعب قال سمعت رسول الله (ص) وذكر الفتن فقربها فمر رجل مقنع في ثوب فقال هذا يومئذ على الحق فقمت إليه فإذا هو عثمان بن عفان قال فأقبلت عليه لوجهه فقلت هذا قال نعم وروى في الصحاح عن تمامة بن جزن القشيري قال شهدت الدار حين أشرف عليهم عثمان فقال أنشدكم الله تعالى بالإسلام هل تعلمون أن رسول الله (ص) قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر دومة فقال من يشتري بئر دومة ويجعل دلوه مع دلا المسلمين يخير منها في الجنة فاشتريتها من صلب ما لي فأنتم اليوم تمنعوني أن أشرب منها حتى أشرب من ماء البحر قالوا اللهم نعم فقال أنشدكم الله والإسلام هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله فقال رسول الله (ص) من يشتري بقعة فلأن فيزيدها في المسجد يخبر له منها في الجنة فاشتريتها من صلب ما لي فأنتم اليوم تمنعوني أن أصلي فيها ركعتين قال اللهم نعم قال أنشدكم الله تعالى والإسلام هل تعلمون أني جهزت جيش العسرة من ما لي قالوا اللهم نعم قال أنشدكم الله تعالى والإسلام هل تعلمون أن رسول الله (ص) كان يسير مكة ومعه أبو بكر وعمر وأنا فتحرك الجبل حتى تساقطت حجارته بالحضيض فركضه برجله قال أسكن بثير فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان قالوا اللهم نعم قال الله أكبر شهدوا وإني شهيد ورب الكعبة ثلاثا هذه روايات الصحاح وقد ثبت من نصوص رسول الله (ص) أن عثمان شهيد ثم جاء البوال الذي استوى قوله وبوله فيجعله كالكفار ولا يقبل دفنه مع المسلمين أف له وتف والصفح على رقبته بكل اكف وأعجب من هذا أنه يتهم علي أمير المؤمنين (ع) إنه شارك في قتل عثمان وقد ذكر صاحب كتاب نهج البلاغة في مواضع من كلامه إنه كان يتبر من قتل عثمان غاية التبري وكان أشد الأشياء على أمير المؤمنين (ع) أن يشركه أحد في قتل عثمان أنه قال لو إني أعلم أنه يذهب من صدر بني أمية الوهج من مشاركتي في قتل عثمان لحلفت لهم بين الركن والمقام خمسين حلفة إني ما شاركت في قتل عثمان ولا رضيت به ولا أمرت به وهذا كان من مبالغة أمير المؤمنين (ع) في عدم مشاركته في قتل عثمان وهو ينسبه إلى المشاركة فأمير المؤمنين وساير الأنبياء والمرسلين خصوم ذلك الرجل فيما ادعاه وأما ما ذكر أنه لم يصل عليه أحد إلا مروان وبعض الموالي فإنه كاذب في هذا الكلام فإن كلهم اتفقوا على أن مروان جرح يوم الدار جراحة عظيمة حتى خاف انقطاع رقبته فهرب إلى الشام وهو مجروح فكيف حضر في جنازة عثمان وأما عدم صلاة الصحابة على عثمان فإنه كان في أيام الهرج وأجلاف الأمصار استولوا على المدينة وهو قتلوا عثمان وكان الصحابة يخافون منهم أن يحضروا جنازة عثمان حتى أن أمير المؤمنين (ع) هرب منهم والتجأ إلى حايط من حوايط المدينة كما هو المذكور في التواريخ انتهى وأقول التبري عن أحد إنما يظهر بالقول أو الفعل وقد استدل المصنف على تبري الصحابة عن قتل عثمان بتركهم إياه بعد قتله ثلاثة أيام لم يدفنوه إلى آخره وقد روى هذا صاحب الاستيعاب بإسناده المنتهي إلى مالك أنه قال لما قتل عثمان ألقي على مزبلة ثلاثة أيام فلما كان من الليل أتاه اثنى عشر رجلا فيهم خويطب بن عبد العزى وحكيم بن حزام وعبد الله بن الزبير وجدي مالك بن أبي عامر فاحتملوه فلما صاروا به إلى المقبرة ليدفنوه ناداهم قوم والله لئن دفنتموه لنخبرن الناس غدا فاحتملوه وكان على باب وأن رأسه على الباب يقول تق تق حتى صاروا به ودفنوه في نواحي البقيع انتهى وترجمته في روضة الأحباب ويدل على ما ذكره المصنف أيضا ما قاله العلامة
Página 257