ونفده لأداء سورة البراءة ثم رده فمن لم يستصلح لأداء آيات كيف يستصلح للرياسة العامة المتضمنة لأداء جميع الأحكام إلى عموم الرعايا في ساير البلاد انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول دعوى عدم توليته دعوى زور باطل مخالف للمتواتر فإنه لا نزاع بين أحد في أن أبا بكر كان وزيرا لرسول الله (ص) لا يصدر في شئ ولا يقدم على أمر إلا عن رأيه ومشاورته وكان أمير المؤمنين علي (ع) يقول كثيرا ما سمعت رسول الله (ص) يقول ذهبت أنا وأبو بكر وعمر وجئت أنا وأبو بكر وعمر وقلت أنا وأبو وعمر فلا أمر في الإسلام ولا تولية ولا عزل إلا برأيهما ومشاورتهما ثم إن في معظم الغزوات كان أبو بكر صاحب راية المهاجرين وكان في غزوة تبوك آخر غزوة غزاها رسول الله (ص) وما اجتمع له من العساكر في غزوة مثل ما اجتمع في هذه الغزوة وكان صاحب الراية الكبرى أبا بكر الصديق ثم أنه تولى الحج في تسع من الهجرة وأما بعث علي بقراءة سورة البراءة ونبذ العهود فقد ذكرنا سببه ثم نقول لهذا الرجل العامي الجاهل بالأخبار والآثار كان أبو بكر يستصلح لإقامة الدين من أول نشوء أمر الإسلام إلى آخره وإظهار آثار النبوة أتزعم أنه لم يقدر على قرائته عشر من القرآن على العرب بعد الفتح وهو أمير الحاج ونايب رسول الله (ص) في الحج ومن غاية جهلك بالأخبار أنك تدعي أنه لما لحقه علي رجع قبل الحج فيا أيها الجاهل من حج تلك السنة إن رجع أبو بكر أتدعي أن عليا كان أمير الحاج تلك السنة وتخالف الخبر المتواتر أم تدعي إنه لم يحج في سنة تسع أحد وكل هذا من جهلك وبغضك أما تستحي من ناظر في كتابك يا سفيه البطاط ثم من تولى الإمامة والصلاة بالمسلمين أيام مرض رسول الله (ص) أتدعي أنه لم يصل بالناس أو لم يأمره رسول الله (ص) بالصلاة في أيام المرض وكل هذا مما يدعيه باطل ومخلف لصحاح الأخبار الجارية مجرى المتواترات وأي ولاية أتم من ولاية الصلاة وقد قال ابن عباس أن رسول الله (ص) لم يصل خلف أحد من أمته ما خلا عبد الرحمن بن عوف في ركعة من السفر إلا أبو بكر الصديق ثم أنك لم تستصلحه لولاية أمر من الأمور أف وويل لك يا أعرابي الجان الجاهل انتهى وأقول فيه نظر من وجوه أما أولا فلأن دعواه عدم النزاع بين أحد في وزارة أبي بكر لرسول الله مدفوعة بنزاع غير واحد من الشيعة في ذلك كيف وقد جرت عادة الأنبياء والسلاطين على وحدة الوزير كما يرشد إليه وزارة آصف لسليمان (ع) ووزارة هارون لموسى (ع) إلى غير ذلك وقد ثبت وزارة علي ( ع) للنبي (ص) بقوله (ص) له (ع) أنت مني بمنزلة هارون من موسى (ع) فمن يدعي مشاركة أبي بكر معه (ع) في الوزارة فعليه إقامة الدليل ودونه خرط القتاد وقوله إنه (ص) لا يصدر في شئ ولا يقدم على أمر إلا عن رأيه ومشاورته غير مسلم وإنما المسلم إنه كان يشاورهم تأليفا لقلوبهم واستعلاما لما في باطنهم من الوفاق والنفاق لا لحاجة إلى رأيهم واستعانة بنتايج عقولهم كما مر مفصلا وأما ثانيا فلأن قوله وكان أمير المؤمنين (ع) يقول كثيرا ما سمعت رسول الله (ص) يقول إلى آخره كذب من الناصب على النبي (ص) ووليه (ع) ومن العجب أنه يكذب على رسول الله (ص) ثم يروي ذلك عن علي (ع) لئلا ينازع فيه الشيعة والدليل على أعمال الناصب ههنا الكذب والافتراء إنه ترك في ساير المواضع تلقي ذكر علي بقوله (ع) هاهنا لما أراد أن يوضع الحديث على لسانه (ع) قرن ذكره بقوله ليظن الناظر أن الناصب حيث أتى بتعظيم علي (ع) يستبعد أن يكذب عليه وهذا الظن إنما يتوقع من حمقاء أهل السنة وأما أذكياء الشيعة فحاشاهم أن يذهب عنهم مثل هذه التمحلات ثم إن قصد بذهاب النبي مع أبي بكر وعمر ذهابه (ص) معهم إلى عيادة مريض أو مشايعة جنازة أو تنزه حديقة فلا اختصاص لمثل هذه المعية بهم وإن قصد به ذهابه إلى مبارزة عدو ودفع صايل ونحو ذلك فمن البين أنهم لم يبارزوا أحدا في مدة عمرهم قط لا منفردا ولا مع مشاركة غيرهم نبيا كان أو؟؟؟ أو غيرهما وكذا الكلام في قوله جئت أنا وأبو بكر وأما قوله قلت أنا وأبو بكر فأشكل من الأولين إذ لا يظهر وجه اجتماع قوله (ص) مع قولهما في الأحكام الشرعية لأنه كان بالوحي الإلهي وكذا فيما يتعلق بتلك الأحكام من الأمور الدنيوية و المشاركة في غير ذلك مما لا فضيلة فيه وكيف يشارك مع النبي (ص) في القول من لا يعرف الكلالة والأب ويعرف بأن كل الناس أفقه منه حتى المخدرات في الحجال وأما ثالثا فلأن قوله في معظم الغزوات كان أبو بكر صاحب راية المهاجرين كاذب كغيره مما تقدم على ما يرشد إليه كتاب روضة الصفا وروضة الأخبار وغيرها من كتب السير والمغازي نعم في بعض الغزوات كخيبر قد امتحنهم النبي (ص) بإعطاء الراية فرموا بها وانهزموا كما عرفت سابقا وأما قوله وكان في غزوة يقول صاحب الراية الكبرى فليس في صحيح البخاري ومسلم عن ذلك عين ولا أثر ولو ثح فإنما كان لما ذكره صاحب كشف الغمة وغيره من أنه تعالى أخبر النبي (ص) بأنه لا يحتاج فيها إلى حرب ولا عنى بقتال عدو وإن الأمور تنقاد له بغير سيف فخرج النبي (ص) بنفسه مع العسكر الكثير كما وصفه الناصب واستخلف عليا (ع) في أهله وولده وأزواجه ومهاجريه في المدينة فلو كان الراية في هذه الغزاة بيد غير علي (ع) جاز ولم يكن فضيلة ولو علم الله أن نبيه (ص) يحتاج في هذه الغزوة إلى حرب لم يأذن في تخلف علي (ع) ولم يرض بلبثه عنها وتوقفه وأما رابعا فلأن ما ذكره من تولي أبي بكر للحج فقد مر بيان كذب ذلك مع بيان منشأ توهمهم فيه وبيان أن ما ذكره من سبب بعث علي (ع) لا يؤدي إلى طائل ولا يرجع إلى حاصل وأما خامسا فلأن قوله كان أبو بكر يستصلح لإقامة الدين الخ فإن أراد بإقامة الدين وقوعه أولا في مكة في قيد الكفرة ونتفهم للحيته كما مر فهذا مسلم لكن الظاهر أن أمثال ذلك لا يسمى في العرف إقامة لشئ وإن أراد به صرف ماله في سبيل الله فقد عرفت أن هذا أيضا من موضوعات أولياءه وإن أراد به أنه كان أبا لعايشة أو من جملة سواد عسكر النبي (ص) فلا تقوية للدين بمجرد ذلك لأن الأنبياء والملوك ربما ينكحون في الأراذل لمصلحة دعت إليها المقام ولحال وكونه من سواد العسكر يشترك فيه أبو هريرة ونحوه من مؤلفة القلوب وأما سادسا فلأن ما ذكره بقوله أتزعم أنه لم يقدر على قراءة عشر من القرآن إلى آخره فمدخول بأن المصنف لا يزعم ذلك أصلا لعلمه بأنه لولا اقتدار أبي بكر على قراءة العربي لما جعله قريش معلما لصبيانهم وإنما يعتقد أن الله ورسوله لم يعلماه أمينا في أداء ذلك وعلموا أنه ربما خان في الأداء كلا أو بعضا مواضعة مع الكفار وأخل بالمصلحة أو لأنه ربما استخفه قريش لجبنه ورذالة قومه ولم يمكنوه من الأداء أو لأنه ربما سأل أحد عن معنى بعض تلك الآيات فيعجز عن بيان ذلك ويفحم كما عجز عن بيان معنى الكلالة والأب وغيرهما وكان ذلك موجبا لإهانة سيد المرسلين (ص) وأما سابعا فلأن قوله من حج تلك السنة إن رجع أبو بكر أتدعي أن عليا كان أميرا للحاج مدخول بأنا ندعي ذلك قوله ونخالف الخبر المتواتر قلنا أين الخبر فضلا عن تواتره وكان الناصب نسي ما ذكره سابقا من أن الخبر المتواتر في الدنيا منحصر في واحد أو اثنين وتوضيح هذا أنا قد بينا سابقا أن ما رواه المصنف آنفا عن جامع
Página 222