والأطيبان علي وفاطمة والسبطان الحسن والحسين والشهيدان أسد الله حمزة وذو الجناحين جعفر وسيد الوادي عبد المطلب وساقي الحجيج عباس وحليم البطحاء والنجدة والخير فيهم والأنصار من نصرهم والمهاجرين من هاجر إليهم ومعهم والصديق من صدقهم والفاروق من فارق بين الحق والباطل فيهم والحواري حواريهم وذو الشهادتين لأنه شهد لهم ولا خير إلا فيهم ولهم ومنهم ومعهم وأبان رسول الله (ص) أهل بيته بقوله أني تارك فيكم الخليفتين كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي نبأني اللطيف الخبير أنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض ولو كانوا كغيرهم لما قال عمر لما طلب مصاهرة علي (ع) إني سمعت رسول الله (ص) يقول كل سبب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي فأما علي (ع) فلو أوردنا الآيات الشريفة ومقاماته الكريمة ومناقبه السنية لأفنينا في ذلك الطوامير الطوال العرق صحيح والمنشأ كريم والشأن عظيم والعمل جسيم والعلم كثير والبيان عجيب واللسان خطيب والصدر حبيب وأخلاقه وفق أعراقه وحديثه يشهد لقديم هذا قول عدوه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكر من كلام الجاحظ صحيح لا شك فيه وفضايل أمير المؤمنين أكثر من أن يحصى ولو أني تصديت لبعضها لأغرقت فيها الطوامير وأما ما ذكر أن الجاحظ كان من أعدائه فهذا كذب لأن محبته السلف لا يفهم إلا من ذكر فضايلهم وليس هذا المحبة أمرا مشتهيا للطبع وكل من ذكر فضايل أحد من السلف فنحن نستدل من ذلك الذكر على وفور محبته إياه وقد ذكر الجاحظ أمير المؤمنين بالمناقب المنقول وكذا ذكره في غير هذا من رسايله فكيف يحكم بأنه عدو لأمير المؤمنين وهذا يصح على رأي الروافض فإن الروافض لا يحكمون بالمحبة إلا بذكر مثالب الغير فعندهم محب علي من كان مبغض الصحابة وبهذا المعنى يمكن أن يكون الجاحظ عدوا انتهى أقول قد علم عداوة الجاحظ من كلماته الأخر ومن بعض عقايده الدالة على أن صدور تلك المدايح عنه من قبيل ما أشار إليه تعالى بقوله يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم وبقوله ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وأقل ما صدر عن الجاحظ مما يدل على عداوته لأمير المؤمنين (ع) ومخالفته لإجماع المسلمين أنه أظهر في سنة عشر ومأتين من الهجرة القول بأن الإمامة بالميراث وأن وارث النبي (ص) هو عمه العباس دون علي (ع) وكان ذلك منه تقربا إلى الخليفة مأمون العباسي فباع دينه بدنياه ونظير ذلك أن معاوية كان يصف عليا (ع) عند خواص أصحابه ويحاربه ويأمر بسبه على رؤس المنابر والشيطان يسبح الله ويقدسه بل يزعم في دعوى إخلاصه أن سجدة آدم (ع) شرك مع الله وصار لمخالفته الأمر بها عدوا لله ملعونا وطرودا وبهذا يعلم بطلان استدلاله المذكور على المحبة ويفهم أنه لم يذق طعم المحبة وبالجملة قد علم أن الجاحظ وهو أبو عثمان عمرو بن بحر كان عثمانيا مروانيا ومع هذا قد اعترف بفضل بني هاشم وأهل بيت النبي (ص) وتقديمهم وفضل علي (ع) وتقديمه في بعض رسايله فإن كان هذا مذهبه فذلك وإلا فقد أنطقه الله بالحق وأجرى لسانه بالصدق وقال ما يكون حجة عليه في الدنيا والآخرة ونطق بما لو اعتقد غيره لكان خصم في محشره فإن الله تعالى عند لسان كل قايل فلينظر قايل ما يقول وأصعب الأمور وأشقاها أن يذكر الإنسان شيئا يستحق به الجنة ثم يكون ذلك موجبا لدخوله النار نعوذ بالله من ذلك وأما ما ذكره من أن الروافض لا يحكمون بمحبة علي (ع) إلا بذكر مثالب الغير فإن أراد الغير مطلقا فكذب ظاهر وإن أراد الغير المباين المعادي له (ع) فمسلم وهذا ليس مما ينكره العقل السليم والطبع المستقيم فلا يجتمع ما وجب علينا من مودة ذوي القربى مع محبة من غصب حقهم ونازع مستحقهم وحمل الناس على أكتافهم كما سبقت الإشارة إليه مرارا وقد أشار إليه أيضا الشيخ العارف محيي الدين الأعرابي في فتوحاته المكية وقد بلغنا أن رجلا قال لأمير المؤمنين (ع) أنا أحبك وأتوالى عثمان فقال أما الآن فأنت أعود فأما أن تعمى وأما أن تبصر ولعمري ما ودك من توالي ضدك ولا أحبك من صوب غاصبك ولا أكرمك مكرم من هضمك ولا عظمك معظم من ظلمك ولا أطاع الله فيك مفضل أعاديك ولا اهتدى إليك مصلل مواليك النهار فاضح والمنار واضح ولنعم ما قيل شعر توعدني ثم تزعم أنني صديقك إن الرأي عنك لعازب قال المصنف رفع الله درجته المطلب الثاني في زوجته وأولاده كانت فاطمة (ع) سيدة نساء العالمين زوجته قال ابن عباس لما زف النبي (ص) فاطمة (ع) كان (ص) قد أمها وجبرئيل عن يمينها وميكائيل عن يسارها وسبعون ألف ملك من ورائها يسبحون الله ويقدسونه حتى طلع الفجر فانظر أيها العاقل كيف يرى الجمهور هذه الروايات ويظلمونها ويأخذون حقها ويكسرون ضلعها ويجهزون ولدها من بطنها فليحذر المقلد من اتباع هؤلاء فإن أخذك منهم باطل قطعا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكره من فضايل فاطمة (ع) معلوم محقق ثابت وما ذكر أن الجمهور يروون فضايلها ويظلمونها فكلام باطل قطعا لأنه على تقدير صحة الظلم عليها فإن الظالمين عليها كانوا جماعة غير الراوين لفضايلها فكلامه هذا غير مربوط ولا معقول كأكثر كلامه في هذا الكتاب انتهى وأقول ليس مقصود المصنف ما روى في هذا الفضل من الرواية الواحدة حتى يقال أن راويه هو ابن عباس وهو ليس بظالم لفاطمة (ع) بل المراد ما روى سابقا ولاحقا من الظالمين لها الآخذين حقها ولهذا قال كيف يروي الجمهور هذه الروايات بصيغة الجمع فظهر أن كلام المصنف مشتمل على كمال الربط وإن هذا الشقي بالغ في الخبط على أن الظاهر أن ما وقع في زفاف فاطمة (ع) من الكرامة التي رواها ابن عباس قد تدالها غيره من الصحابة بينهم سيما الذين لهم زيادة اختصاص لمجلس النبي (ص) فاتحد الراوي والظالم الغاوي فافهم هذا ومما ينبغي أن يعلم ههنا أن قول المصنف قدس سره يكسرون ضلعها و يجهضون ولدها من بطنها إشارة إلى ما نقله الشهرستاني في كتاب الملل والنحل عن النظام من أنه قال أن عمر شرب بطن فاطمة حتى ألقت المحسن من بطنها وكان يصيح أحرقوا الدار بمن فيها وما كان فيها غير علي وفاطمة والحسن والحسين انتهى قال المصنف رفع الله درجته وكان سبطاه الحسنان أشرف الناس بعده روى أخطب خوارزم بإسناده إلى ابن مسعود قال قال رسول الله (ص) الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة وعن البراء بن عازب قال رأيت رسول الله (ص) حامل الحسن وهو يقول الله إني أحبه فأحبه وقال أبو هريرة رأيت النبي (ص) يمص لعاب الحسن والحسين كما يمص الرجل التمر وعن أسامة بن زيد قلت يا رسول الله (ص)
Página 208