المسمى بنجم الوهاج ومن كان من هؤلاء الصوفية كابن العربي والقطب البونوي والعصنيف التلمساني فهؤلاء ضلال جهال خارجون عن طريقة الإسلام فضلا من العلماء الأعلام انتهى وثانيا أن المراد بالخرقة ههنا العلوم اللدنية والحقايق الإلهية المخصوصة لعلي (ع) دون غيره من الأولياء من الأزل إلى الأبد كالنبوة بالنبي (ص) وقد صرح بذلك الغزالي والشيخ محيي الدين الأعرابي في تصانيفهما وقال سيد المتألهين حيدر بن علي الحسيني العبيدلي الآملي قدس سره في كتاب جامع الإسراء ومنبع الأنوار أن السر المنقول من أمير المؤمنين (ع) وأولاده المعصومين (ع) إلى تلامذتهم ومريديهم وهو عند العوام من الصوفية وغيرهم موسوم بالخرقة وعند الخواص بسر الولاية فالذي قال العوام أن خرقة التصوف كانت لآدم (ع) وهو ليس من يد جبرئيل (ع) بإذن الله تعالى وأمره وكان من خبس الصوف وغيره فوصل منه إلى ولده شيث (ع) بالإرث الصوري ومن شيث إلى أولاده ومنهم إلى نوح (ع) ومن نوح إلى أولاده ومنهم إلى إبراهيم (ع) ومن إبراهيم إلى أولاده ومنهم إلى محمد (ص) ومنهم إلى علي (ع) ومن علي إلى أولاده وتلامذته منهم إلى تلامذتهم ومريديهم على الترتيب ليس بصحيح ولا بمعقول لأن الخرقة عند الخواص هي سر الولاية الذي كان للنبي (ص) بالأصالة يقول كنت نبيا وآدم بين الماء والطين وانتقل منه إلى آدم بطريق العارية على سبيل الوصية ومن آدم إلى ولده شيث بالإرث الحقيقي المعنوي ومن شيث (ع) على الترتيب المذكور إلى محمد ومنه إلى علي ومن علي إلى أولاده المعصومين وتلامذته وكذلك ينتقل من بعضهم إلى بعض وأما الخرقة الصورية من الصوف والقطن أو غيرهما ليست لها دخل في خصول سر الولاية في الشخص فكأنه استعارة ومجاز لتفهيم أهل الصورة وأهل الظاهر وإلا نسبة هذا المعنى إلى الخرقة كنسبة لباس التقوى استحق في قوله تعالى وريشا ولباس التقوى وكذلك حال الفتوة والعقد المنسوب إلى أمير المؤمنين (ع) لأنه أيضا معنوية وأخذ أهل الصورة بالصورة ويعملون عليها غافلين عن معناها وأكثر الأوضاع المشهورة في العالم عند التحقيق هذا حاله انتهى وأقول من تلك الأوضاع صفق اليد عند بيعة النبي (ص) والإمام (ع) فقد علم بما ذكرنا أن الناصب الفاقد للفلاح لا يعرف شيئا من السر والاصطلاح ولا يفرق بين الافساد والإصلاح فيعوي كالكلب الكلب على أولياء بني عبد المطلب وكأنه لم يسمع قوله نحن بنو عبد المطلب ما عادانا بيت إلا وقد خرب وما عاوانا كلب إلا وقد جرب وقد جربنا أن الناصب قد جرب بل خرب وافتقد القرار واضطرب فباع نبعة إصفهان بالغرب واغترب إلى بخارا بل هرب وهناك بنجم الشوم قد غرب شعر جزى الله ذلك الرجس فيما قد افتعل جزاء كلاب العاويات وقد فعل قال المصنف رفع الله درجته وأيضا جميع الصحابة رجعوا إليه في الأحكام واستفادوا منه ولم يرجع هو إلى أحد منهم في شئ البتة وقال عمر بن الخطاب في عدة مواطن لولا علي لهلك عمر حيث رده عن خطأ كثير انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول رجوع الصحابة إليه في الفتوى غير تعبيد لأنه كان مفتي الصحابة والرجوع إلى المفتي من شأن المستفتين وإن رجوع عمر إليه كرجوع الأئمة والولاة العدل إلى علماء الأمة وما ذكره من قوله لولا علي لهلك عمر فهو من فضايل عمر في عدله وصدقه وإنصافه وتواضعه انتهى وأقول يفهم من كلام الناصب الشقي أن الصحابة بعد استوائهم مع علي (ع) في تهيؤ الاستنباط والإفتاء فوضوا منصب الافتاء إليه (ع) تسهيلا على أنفسهم وعلى العامة كما عينوا شريح وأمثاله للقضاء لذلك وكما يتعارف في البلاد الحنفية والشافعية والمالكية من تعيين واحد في الافتاء وآخر للقضاء مع وجود من هو أعلم منهما كثيرا حاشا وكلا بل الاستفتاء والإفتاء منه (ع) إنما كان في غوامض المسائل الذي لم يكن من شأن صنف غيره من الصحابة ولو ارتقوا إلى السماء التهيؤ لاستنباطها والعلم بحقايقها كما أشار إليه المصنف بعيد ذلك بقوله من الأحكام الغريبة التي يستحيل أن يهتدي إليها من سئل من الكلالة والأب فلم يعرفها؟
وأما ما ذكره في توجيه قول عمر لولا علي لهلك عمر فإن أراد به أنه قد صدر عنه تلك الكلمة في مواطنها على وجه التواضع من غير إفادة علي (ع) الحق له وإقلاع جهله وخطائه عنه بل كان الحق في ذلك المقام مع عمر فهذا التواضع حرام وإن أراد أن ذلك التواضع كان لإفادته الحق له والتنبيه على مواضع جهله وخطائه فقد ثبت الأفضلية وصار تواضع الناصب لغوا انتهى قال المصنف رفع الله درجته وفي مسند أحمد بن حنبل لم يكن أحد من أصحاب النبي (ص) يقول سلوني إلا علي بن أبي طالب (ع) وفي صحيح مسلم أن عليا (ع) قال على المنبر سلوني قبل أن تفقدوني وسلوني عن كتاب الله عز وجل فما من آية إلا وأعلم حيث نزلت بحضيض جبل أو سهل أرض وسلوني عن الفتن فما من فتنة إلا وعلمت كبشها ومن يقتل فيها وكان يقول سلوني عن طرق السماء وإني أعرف بها من طرق الأرض وقال علي (ع) علمني رسول الله (ص) ألف باب من العلم في كل باب ألف باب وقضاياه العجيبة أكثر من أن يحصى كقسمة الدراهم على صاحب الأرغفة وبسط الدية على القاصة والناخسة وإلحاق الولد بالقرعة وصوبه النبي (ص) والأمر بشق الولد نصفين حتى رجعت المدعيتان إلى الحق والأمر بضرب عنق العبد حتى رجع إلى الحق وحكمه في ذي الراسين بايقاظ أحدهما واستخراج حكم الخنثى وأحكام البغاة قال الشافعي عرفنا أحكام البغاة عن علي (ع) وغير ذلك من الأحكام الغريبة التي يستحيل أن يهتدي إليها من سئل عن الكلالة والأب فلم يعرفهما وحكم في الحد بمائة قضية انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكره من الأقضية والأحكام التي قضى فيها أمير المؤمنين فهو حق لا يرتاب فيه وهذا شأنه وهو مشتهر فيه وأما قول سلوني فهذا من وفور علمه كالبحر الزاخر الذي يتموج بما فيه ويريد إلقاء الدر على الساحل وهذا ليس من باب النزاع حتى يقيم فيه الدلايل وأما قوله من سئل عن الكلالة والأب فلم يعرفهما فهو من المطاعن وستعرف جوابه في محله إن شاء الله تعالى أقول ههنا مقامان أحدهما ما ذكره المصنف من تفرد علي (ع) بحل المسائل الذي لا يهتدي إليها غيره والثاني جهل غيره بالمسائل الذي لا يحل لأدنى عالم من أهل الدين الجهل بها فضلا عن المتصدي لخلافة المسلمين والناصب أغمض من جواب الأول رأسا وأحال جواب الثاني على ما
Página 203