256

Ihkam Fi Tamyiz Fatawa

الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام

Editorial

دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

Géneros

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= النبي ﷺ يقبل الهديَّة. وهذا من خواصه ﷺ، والنبي ﷺ معصوم مما يُتَّقَى على غيره منها. ولما رَدَّ عمرُ بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه الهديَّة قيل له: كان النبي ﷺ يقْبلُها، فقال: كانت له هديةً ولنا رشوة، لأنه كان يُتقرَّبُ بها إليه لنبوتِه لا لِولايته، ونحن يُتقرَّبُ بها إلينا لولايتنا.
٢ - ومنها: أنه لا يَحضُر وليمةَ إِلَّا وليمةَ النكاح للحديث، لأن في المسارعة
إلى إجابة الدعوة والتسامح بذلك مذلَّةَ وإضاعةَ للتصاون وإخلاقًا للهيبة عند العوام.
وقال أشهب: لا بأسَ أن يُجيب الدعوة العامة إن كانت وليمةً أو صنيعًا عامًا لفَرَح، فأما أن يُدعى مع عامة لغير فرح فلا يجيب، وكأنه إنما دُعي خاصة وكان ذلك لأجله. وقال سُحنون: يجيب الدعوةَ العامَّة دون الخاصَّة، وتنزهُهُ عن الدعوة العامة أحسن، إلَّا أن يكون لأخ في الله وخاصَّةِ أهله أو ذي قرابة، وكَرِة مالك ﵁ لأهل الفضل أن يُجيبوا كلِّ من دعاهم.
٣ - ومنها: أنه ينبغي له أن يجتنب بِطانةَ السوء، لأنَّ أكثر القضاة إنما يُؤتَى عليهم من ذلك، ومن بُلِيَ بذلك عَرفَه حَق المعرفة، وينبغي له أن يَستبطِنَ أهلَ الدين والأمانة والعدالة والنزاهة، ليستعين بهم على ما هو بسبيله، وتقوَى بهم على التوصل إلى ما يَنوبُه، ويُخففُوا عنه فيما يَحتاج إلى الإستنابة فيه، من النظر في الوصايا والأحباس والقِسمةِ وأموال الأيتام وغيرِ ذلك مما يَنظُرُ فيه.
٤ - ومنها: أنه يجب أن يكون أعوانُه في زِفي الصالحين، فإنه يُستدَلُ على المرءِ بصاحبه وغلامه، ويأمرُهم بالرفق واللين في غير ضعف ولا تقصير، فلا بد للقاضي من أعوان يكونون حوله، ليزجروا من ينبغي زجرُهُ من المتخاصمين، وينبغي أن يُخفَّفَ منهم ما استطاع. وقد كان الحسن البصري ﵁ يُنكِرُ على القضاة اتخاذَ الأعوان، فلما وَلِيَ القضاءَ وشَوَّش عليه ما يقَعُ من الناس عنده قال: لابُدَّ للسلطانِ من وَزَعَة، وإن استغنى عن الأعوان أصلًا كان أحسن.
قال المَازِريُّ: ولا يكون العَوِينُ إلَّا ثقةً مأمونًا، لأنه قد يَطَّلع من الخصوم على ما لا ينبغي أن يطلع عليه أحدُ الخصمين، وقد يُرشَى على المنع والإِذن، وقد يُخاف منه =

1 / 257