Ihkam Ahkam Sharh Cumdat Ahkam

Ibn Daqiq al-'Id d. 702 AH
39

Ihkam Ahkam Sharh Cumdat Ahkam

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

Editorial

مطبعة السنة المحمدية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [إحكام الأحكام] تَسْتَدْبِرُوهَا " وَقَالَ نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ ذَهَبَ مَذْهَبًا مُوَاجِهَ الْقِبْلَةَ " قَالَ: أَمَّا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَفِي الصَّحْرَاءِ، إنَّ لِلَّهِ خَلْقًا مِنْ عِبَادِهِ يُصَلُّونَ فِي الصَّحْرَاءِ، فَلَا تَسْتَقْبِلُوهُمْ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهُمْ وَأَمَّا بُيُوتُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَتَّخِذُونَهَا لِلنَّتِنِ فَإِنَّهُ لَا قِبْلَةَ لَهَا. وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَنَّ عِيسَى هَذَا ضَعِيفٌ. وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي التَّعْلِيلِ اخْتِلَافُهُمْ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ، فَاسْتَتَرَ بِشَيْءٍ: هَلْ يَجُوزُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ أَمْ لَا؟ فَالتَّعْلِيلُ بِاحْتِرَامِ الْقِبْلَةِ: يَقْتَضِي الْمَنْعَ، وَالتَّعْلِيلُ بِرُؤْيَةِ الْمُصَلِّينَ: يَقْتَضِي الْجَوَازَ. الْخَامِسُ: قَوْلُهُ ﷺ " إذَا أَتَيْتُمْ الْخَلَاءَ، فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ - الْحَدِيثُ " يَقْتَضِي أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَمْنُوعٌ مِنْهُ. وَالثَّانِي: عِلَّةٌ لِذَلِكَ الْمَنْعِ. وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَنْ الْعِلَّةِ. وَالْكَلَامُ الْآنَ عَلَى مَحِلِّ الْعِلَّةِ. فَالْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ اسْتِقْبَالِهَا لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، وَهَذِهِ الْحَالَةُ تَتَضَمَّنُ أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: خُرُوجُ الْخَارِجِ الْمُسْتَقْذَرِ. وَالثَّانِي: كَشْفُ الْعَوْرَةِ، فَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ: الْمَنْعُ لِلْخَارِجِ، لِمُنَاسِبَتِهِ لِتَعْظِيمِ الْقِبْلَةِ عَنْهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْمَنْعُ لِكَشْفِ الْعَوْرَةِ. وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ: خِلَافُهُمْ فِي جَوَازِ الْوَطْءِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مَعَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ، فَمَنْ عَلَّلَ بِالْخَارِجِ أَبَاحَهُ، إذْ لَا خَارِجَ. وَمَنْ عَلَّلَ بِالْعَوْرَةِ مَنَعَهُ. السَّادِسُ: " الْغَائِطُ " فِي الْأَصْلِ: هُوَ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ، كَانُوا يَقْصِدُونَهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْخَارِجِ. وَغَلَبَ هَذَا الِاسْتِعْمَالُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الْوَضْعِيَّةِ، فَصَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً. وَالْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّ اسْمَ " الْغَائِطِ " لَا يَنْطَلِقُ عَلَى الْبَوْلِ، لِتَفْرِقَتِهِ بَيْنَهُمَا. وَقَدْ تَكَلَّمُوا فِي أَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [النساء: ٤٣] هَلْ يَتَنَاوَلُ الرِّيحَ مَثَلًا، أَوْ الْبَوْلَ أَوْ لَا؟ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُخَصَّصُ لَفْظُ " الْغَائِطِ " لِمَا كَانَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُقْصَدَ لِأَجْلِهِ، وَهُوَ الْخَارِجُ مِنْ الدُّبُرِ، وَلَمْ يَكُونُوا يَقْصِدُونَ الْغَائِطَ لِلرِّيحِ مَثَلًا. أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا كَانَ يَقَعُ عِنْدَ قَصْدِهِمْ الْغَائِطَ مِنْ الْخَارِجِ مِنْ الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ كَيْفَ كَانَ. وَالسَّابِعُ: قَوْلُهُ " وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا " مَحْمُولٌ عَلَى مَحِلٍّ يَكُونُ التَّشْرِيقُ وَالتَّغْرِيبُ فِيهِ مُخَالِفًا لِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا، كَالْمَدِينَةِ الَّتِي هِيَ مَسْكَنُ رَسُولِ

1 / 97