============================================================
من أكلها . والخسارة يأباها كل واحد طبعا ، ولا يأتيها طوعا . ومع أن الغلال معظمها فأهل الدولة ، أولى الجاه وأرباب السيوف ، الذين تزايدت في اللذات رغبتهم ، وعظمت في احتجاز اسباب انحطاطه ، فخرب بما ذكرنا معظم القرى ، وتعطلت أكثر الأراضى من الزراعة : فقلت الفلال وغيرها مما تخرجه الآرض : لموت أكثر الفلاحين تشردهم فى البلاد من شدة السنين وهلاك الدواب ، ولعجز الكثير من أرباب الأراضى عن زرعها : لغلو البذر وقلة المزارعين . وقد أشرف الإقليم لأجل هذا الذى قلنا على البوار والدمار ، ( سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ) .
السبب الثالث رواج الفلوس : اعلم جعل الله لك إلى كل خير سبيلا ذلولا ، وعلى كل قضل علما ودليلا ، أنه لم تزل سنة الله في خلقه ، وعادته المستمرة مند كاتت الخليقة إلى أن حدثت هذه الحوادث ، وارتكبت هذه العظائم التى قلناها في جهات الأرض كلها ، عند كل أمة من الأمم كالفرس والروم ويتى إسرائيل واليونان والقبط ، بل والنيط والتبايعة أقيال اليمن لا والعرب العارية والعرب المستعرية ، ثم فى الدولة الإسلامية منذ ظهورها ، على اختلاف دولها التى قامت بدعوتها والتزمت بشريعتها كينى أمية بالشام والأتدلس ، وبنى العباس بالمشرق والعلويين بطيرستان وبلاد المغرب وديار مصر والفام وبلاد اليسن ، ودولةالترك (بنى سلجوق) ، ودولة الديلم والمفول بالمشرق ، ودولة الأكراد بمصر والشام وديار بكر ، ثم ملوك الترك بمصر ، أن النقود التى تكون أثمانا للمبيعات وقيما للأعمال إنما هى الذهب والفضة فقط، ل يعلم فى خبر صحيح ولا سقيم عن أمة من الأمم ولا طائفة من طوائف البشر أنهم اتخذوا أبدا في قديم الزمان ولا حديثه نقدا غيرهما ، حتى قيل [إن] أول من ضرب الدينار والدرهم آدم عليه الصلاة والسلام ، وقيل لا تصلح المعيشة إلا بهما رواه الحافظ بن عساكر في تاريخ دمشق .
Página 120