إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان - ت الفقي
إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان - ت الفقي
Investigador
محمد حامد الفقي
Editorial
مكتبة المعارف،الرياض
Ubicación del editor
المملكة العربية السعودية
Géneros
وَفِى الجهلِ قَبْلَ الموْتِ مَوْتٌ لأَهْلِه ... وَأَجْسَامُهُمْْ، قَبْلَ القُبُورِ، قُبُورُ
وَأَرْوَاحُهُمْ فى وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِهم ... وَلَيْسَ لَهُمْ حَتَّى النُّشُورِ نُشُورُ
ولهذا جعل سبحانه وحيه الذى يلقيه إلى الأنبياء روحا، كما قال تعالى:
﴿يُلْقِى الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ [غافر: ١٥] . فى موضعين من كتابه، وقال ﴿وَكَذلِكَ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ [الشورى: ٥٢]؛ لأن حياة الأرواح والقلوب به، وهذه الحياة الطيبة هى التى خص بها سبحانه من قَبِلَ وحيه، وعمل به فقال:
﴿مَنْ عَمِلَ صَالحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٩٧] .
فخصهم ﷾ بالحياة الطيبة فى الدارين، ومثله قوله تعالى:
﴿وَأَنِ اسْتَغْفِروُا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبوا إِلَيْهِ يُمَتعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إلَى أَجَلٍ مُسَمى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِى فَضلٍ فَضْلَهُ﴾ [هود: ٣] . ومثله قوله تعالى ﴿لِلّذِينَ أَحْسَنُوا فى هذِهِ الدُّنْيَا حسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتّقِينَ﴾ [النحل:٣٠] ومثله قوله تعالى ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِى هذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ﴾ [الزمر: ١٠] .
فبين سبحانه أنه يسعد المحسن بإحسانه فى الدنيا وفى الآخرة، كما أخبر أنه يشقى المسىء بإساءته فى الدنيا والآخرة. قال تعالى:
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَومَ الْقيَامَة أَعْمَى﴾ [طه: ١٢٤] .
وقال تعالى، وقد جمع بين النوعين:
﴿فَمَنْ يُرِدِ الله أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيقًا حَرَجًا كَأَنمَا يَصَّعَّد فى السَّمَاءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام: ١٢٥] .
فأهل الهدى والإيمان لهم شرح الصدر واتساعه وانفساحه، وأهل الضلال لهم ضيق الصدر والحرج.
وقال تعالى:
﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [الزمر: ٢٢] .
فأهل الإيمان فى النور وانشراح الصدور، وأهل الضلال فى الظلمة وضيق الصدور.
وسيأتى فى باب طهارة القلب مزيد تقرير لهذا إن شاء الله تعالى.
والمقصود: أن حياة القلب وإضاءته مادة كل خير فيه، وموته وظلمته مادة كل شر فيه.
1 / 23