الشرط الرابع: أن يكون من أفضل قريش في العلم والدين، ذكره غيرُ واحد من أئمة أصحابنا، ونصَّ عليه القاضي في "الأحكام السلطانية" (١)، وقد قدّمنا الكلام على اجتهاد أصحاب النّبي ﷺ في
الأفضل في العلم والدّين، وقد روي عن الإمام أحمد رواياتٌ متعدّدة تدّل
على اعتبار ذلك.
قال في رواية حنبلٍ: وأيُّ بلاء كان أكبرَ من الذي كان أحدثَ عدوُّ الله وعدوُّ الإسلام من إماتة السُّنة -يعني: الذي كان قبل المتوكّل-، فأحيا المتوكّلُ السُّنةَ.
وقد أشار القاضي من كلامه هذا: إلى اعتبار العدالة فيه؛ حيث تكلّم فيه أحمد بعدوِّ الله، وعدوِّ الإسلام، ولو كان إمامًا عنده صحيحَ الإمامة، لما استحلَّ أن يقول له ذلك.
قال القاضي: وفيما رأيته على ظهر جزء من كتب أخي ﵀: ثنا أبو الفتح بنُ مَنِيع، قال: سمعت جدّي يقول: كان أحمدُ إذا ذكر المأمون، قال: كان لا مأمون (٢).
يشير القاضي إلى أنّ ذلك من أحمد يدلّ على عدم صحّة إمامته.
وقال في رواية الأثرم في امرأة لا وليّ لها: السلطان، فقيل له: تقولُ: السّلطان، ونحن على ما ترى اليوم، وذلك في وقت يُمتحن فيه القضاة؟! فقال: أنا لم أقل على ما ترى اليوم، إنّما قلت: السّلطان.
_________
(١) انظر: "الأحكام السلطانية" (ص: ٢٠).
(٢) المرجع السابق (ص: ٢٠ - ٢١).
1 / 61