عليه، ولو صحَّ ذلك عن النبي ﷺ، لم يكن لأبي بكر أن يتقدم على العباس مع وجوده، وقد قال له علي -وراودوه على أن يدخلا إلى النبي ﷺ، فيسألاه: إن كانت الخلافة فيهم، علموا ذلك، وإن كانت في غيرهم، أوصى بهم-، فقال: لا والله، وأبى، وقال: إن منعناها، لم يعطِناها الناسُ أبدًا (١). وكيف يقع هذا، وقد قال له: "إنها فيه وفي ولده"؟ والله! لو وقع ذلك، لم يستحل أبو بكر أخذَها، ولا عمرُ بعدَه؛ فإنه كان في زمن عمر، وقال عمر في أيامه: كنا نتوسل إليك بنبينا، فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا (٢)، وكان يتوسَّل به في زمنه، فلو قال له النبي ﷺ: إن الخلافة فيه، لم يَسَعْه السكوت، ولم يسعْ أبا بكرٍ وعمرَ التقدمُ عليه، ولا وسعَ الصحابةَ السكوتُ عن ذلك، ثم بعدها وليَ عثمان، ثم علي، ولم تقع للعباس ولاية، ثم وليَ جماعة من الأئمة من الصحابة وغيرهم، وليس هم من أولاده.
_________
= وروى الخطيب في "تاريخ بغداد" (٣/ ٣٤٩)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٦/ ٣٥٠) عن ابن عباس ﵄ بلفظ: "لي النبوة ولكم الخلافة".
وروى الديلمي في "مسند الفردوس" (٥٣٧١) عن أم سلمة ﵁ بلفظ: "لن تزال الخلافة في ولد عمي صِنْو أبي العباس حتى يسلموها إلى الدجال".
(١) رواه البخاري (٤١٨٢)، كتاب: المغازي، باب: مرض النبي ﷺ ووفاته عن كعب بن مالك ﵁.
(٢) رواه البخاري (٩٦٤)، كتاب: الإستسقاء، باب: سؤال الناس الإمام الإستسقاء إذا قحطوا عن أنس ﵁.
1 / 53