فصل وأما ما روي عن عبد الأعلى بن عبد لله القرشي، قال: لما جمعت المصاحف وعرضت على /29و/ عثمان، فقال: قد أحسنتم وأجملتم، غير أنا نرى فيها لحنا، وسنقيمه بألسنتنا، فإن وجه ذلك عند شيخنا الامام الهادي أبي عبد الله محمد بن الهيصم -تغمده الله برحمته، على انه وجدهم قد كتبوا حروفا على خلاف ما اقتضاه اللفظ، منها ما كان على الأصل، ولو تلفظ به كان لحنا، ومنها ما كان من طغيان القلم، بحيث علم عثمان أنه لا يعرض في مثله ريب، من نحو ما كتبوا (الربوا ) ]البقرة 275[ في جميع القرآن، إلا ما في سورة الروم من قوله ( وما آتيتم من ربا ) [39] وهو في الأصل من ربا يربو ويظهر الواو في التثنية، فيقال: ربوان، وكأنه كان في الأصل ربو على وزن فعل، فكرهت الحركة على الواو، وطلب منها السكون، فإذا سكنت التقت مع التنوين، وهو ساكن، فتسقط الواو لسكونها وسكون التنوين، فكان الكاتب (صمد) هو الأصل، فخرج عما يطابقه اللفظ،وكذلك الصلوة والزكوة، كتبتا بالواو، وهي الأصل، والجمع يظهر ذلك إذا قيل: صلوات وزكوات، كانها كانت في الاصل صلوة وزكوة، كأنه لما كرهت حركة الواو وكانت قبلها فتحة انقلبت الفأ وكذلك الحيوة كتبت بالواو، وهي الاصل، ولكن اللفظ المعروف في أهل اللسان يخالف ذلك.
وأسقطت الألف في قوله: (يخادعون الله ) ]البقرة 9[ فكتب (يخدعون )، وحذفت في قوله:
(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ) ]البقرة193[ فكتب (وقتلوهم ) ولو قرئ به كان لحنا، ثم أثبتت الألف في قوله: (ولأوضعوا خلالكم ) ]التوبة47[فكتب (ولا أوضعوا ) بزيادة ألف بعد لا ، وكذلك كتب في بعض المصاحف (أو لأذبحنه ) ]النمل21[ بزيادة ألف بعد لا (أو لا أذبحنه ) ولو قرئ به كان لحنا فاحشا.
Página 133