ومما يتفرع على هذين الاعتبارين قوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ﴾ [المؤمنون: ١٤-١٥] . أكد إثبات الموت تأكيدين وإن كان مما لا ينكر لتنزيل المخاطبين منزلة من يبالغ في إنكار الموت لتماديهم في الغفلة والإعراض عن العمل لما بعده، ولهذا قيل "ميتون" دون "تموتون" كما سيأتي الفرق بينهما١. وأكد إثبات البعث تأكيدًا واحدًا وإن كان مما ينكر؛ لأنه لما كانت أدلته ظاهرة كان جديرًا بأن لا ينكر، بل إما أن يعترف به أو يتردد فيه، فينزل المخاطبون منزلة المترددين، تنبيهًا لهم على ظهور أدلته، وحثًّا لهم على النظر فيها، ولهذا جاء تبعثون على الأصل.
هذا كله اعتبارات الإثبات وقس عليه اعتبارات النفي٢، كقولك: ليس زيد أو ما زيد منطلقًا أو بمنطلق، ووالله ليس زيد
_________
١ من أن الجملة الاسمية لإفادة الثبوت والدوام، والفعلية لإفادة التجدد والحدوث.
٢ أي أمثلة الاعتبارات الواقعة في الإسناد في الكلام المنفي من التجريد عن المؤكدات في الابتدائي وتقويته بمؤكد استحسانًا في الطلبي ووجوب التأكيد بحسب الإنكار في الإنكاري. وقد ينزل غير المنكر منزلة المنكر فيؤكد معه النفي، وينزل المنكر كغيره فيلقي إليه الكلام خلوًّا من التأكيد إلخ.
خاتمة في أغراض الخبر:
١ إفادة المخاطب الحكم "فائدة الخبر".
٢ إفادة المخاطب أن المخبر عالم بالحكم "لازم الفائدة". =
1 / 76