﴿وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ﴾ [هود: ٣٧] ١، وقوله: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إن النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ [يوسف: ٥٣]، وقول بعض العرب:
فغنها وهي لك الفداء ... إن غناء الإبل الحداء٢
وسلوك هذه الطريقة شبعة من البلاغة فيها دقة وغموض.
روى عن الأصمعي٣ أنه قال:
كان أبو عمرو بن العلاء ٤ وخلف الأحمر٥ يأتيان بشارًا ٦، فيسلمان عليه بغاية الإعظام، ثم يقولان: يا أبا معاذ ما أحدثت؟ فيخبرهما وينشدهما ويكتبان عنه متواضعين له حتى يأتي وقت الزوال ثم ينصرفان، فأتياه يومًا فقالا: ما هذه القصيدة التي أحدثتها في
_________
١ أي لا تدعني يا نوح في شأن قومك واستدفاع العذاب عنهم بشفاعتك فهذا كلام يبوح بالخبر تلويحًا ما، ويشعر بأنه قد حق عليهم العذاب، فصار لمقام مقام أن يتردد المخاطب في أنهم هل صاروا محكومًا عليهم بالإغراق أم لا، مقيل "إنهم مغرقون" مؤكدًا، أي محكومًا عليهم بالإغراق.
٢ الضمير في "فتغنها" للإبل والحداء من حدا الإبل أو بها: ساقها وغنى لها.
٣ عبد الملك بن قريب الإمام في اللغة والأدب، توفي عام ٢١٤هـ، ونجد الرواية في الأغاني ص٤٣ جـ٣، وفي الدلائل ص٢١٠ وفي المفتاح ص٧٥.
٤ وفي الأغاني: خلف بن أبي عمرو بن العلاء. وأبو عمرو من أئمة اللغة توفي عام ١٥٤هـ وخلف ابنه توفي في أواخر القرن الثاني الهجري.
٥ من أئمة اللغة والشعر والأدب توفي عام ١٨٠هـ.
٦ أبو معاذ إمام الشعراء المحدثين توفي عام ١٦٧هـ.
1 / 73