إِذا ثَبت ذَلِك تعين أَن المُرَاد إِمَّا مَلَائِكَة فِي السَّمَاء مسلطون على من شَاءَ الله من الْكفَّار لِأَن اللَّفْظَة تحتمله أَو أَن المخاطبين كَانُوا يَعْتَقِدُونَ اعْتِقَاد المجسمة فَقيل لَهُم بِحَسب مَا كَانُوا يعتقدونه فِي زعمهم أَو أَن المُرَاد التَّعْظِيم وعلو الرُّتْبَة وَالْقُدْرَة أَي من فِي السَّمَاء ملكوته وسلطانه وَمَلَائِكَته فَيكون المُرَاد بالسماء الْعُلُوّ والرفعة
فَإِن قيل فِي هَاهُنَا بِمَعْنى على كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿فِي جُذُوع النّخل﴾
قُلْنَا هَذَا مَرْدُود لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَن ذَلِك خلاف الأَصْل وموضوع اللُّغَة الَّتِي نزل بهَا الْقُرْآن وممنوع عِنْد الْمُحَقِّقين من نحاة الْبَصْرَة بل هُوَ على بَابه لتمكنهم على الْجُذُوع تمكن المظروف من ظرفه لآنهم لم يَكُونُوا مستعلين عَلَيْهَا بل كَانُوا مَعهَا
الثَّانِي لَو أُرِيد معنى على كَانَ لَفظه أفخم وَأعظم فَإِن قَوْله من على السَّمَاء أفخم وَأعظم من قَوْله ﴿من فِي السَّمَاء﴾ وَسَيَأْتِي الْكَلَام على حَدِيث الْجَارِيَة فِي قسم الحَدِيث إِن شَاءَ الله مَبْسُوطا
الْآيَة الثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى ﴿هَل ينظرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيهم الله فِي ظلل من الْغَمَام﴾