أبي طالب صلوات الله عليه؛ أعني قوله الكلام اسم وفعل وحرف؛ ثم قال له: قد دللنا على صحة مذهب صاحبنا وأريناك أن اعتقادنا ليس تقليدًا بل ببحث ونظر. والمدعى أن للكلام قسمًا رابعًا أو أكثر منه مُخمن أو شاك؛ فإن كان متيقنًا فليوجد لنا في جميع كلام العرب قسمًا خارجًا عن أحد هذه الأقسام ليكون ذلك ناقضًا لقول سيبويه؛ ولن يجد إليه سبيلًا؛ وليس يجب علينا ترك ما قد تيقناه وعرفناه حقيقة وصح في العقول لشك من شك بغير دليل ولا برهان؛ لأن الشكوك لا تدفع الحقائق وبالله التوفيق؛
سؤال آخر على أصحاب سيبويه. يقال لهم: لم سمي سيبويه وغيره هذه الأشياء أسماء وأفعالًا وحروفًا؛ أعني قولهم رجل وزيد؛ وقام يقوم؛ ومن وإلى وما أشبه ذلك، وقد علمتم أنها كلها أفعال المتكلم لأنها كلام ونطق، والكلام يفعله المتكلم ويوجده بعد أن لم يكن، فهو فعل من أفعاله، ولستم ممن يقول إن الاسم هو المسمى لفساد ذلك عندكم/ فزيد إذًا غير من هو دال عليه. وقام في قولك قام زيد، ليست هذه اللفظة بفعل زيد إنما هي فعل المتكلم، وفعل زيد حركته وهذه عبارة عنها، وكذلك سائر هذه الأشياء إنما هي أفعال المتكلمين فلم رتبها النحويون هذه المراتب وسموها بغير استحقاقها؟
الجواب أن يقال: إن هذه الأشياء وإن كانت كما ذكرتم أفعالًا للمتكلمين الناطقين بها، فهي مختلفة المعاني متباينة المجاري في طريق الإعراب. وكل واحد منها له نحو في كلامهم ليس للآخر، ووجه ينفرد به، فلما كان ذلك كذلك وجب الفرق بينهما وأن يوسم كل جنس منها بأشكل الأشياء به، فجمع بذلك
1 / 43