Confesiones de un joven de la época
اعترافات فتى العصر
Géneros
ونادتني باسمي، وكان الحاجز مفتوحا فنهضت دون أن أجيب، ودخلت الحديقة، وإذ وصلت إلى وسط المرج توقفت؛ لأني كنت كسائر في المنام لا أعي ما أفعل.
ولاحت على باب الدرج وهي تحدق بإشعاع القمر وقد بدا التردد على ملامحها، ومشت نحوي فتقدمت إليها وعصاني الكلام، فانطرحت جاثيا وقبضت على يدها.
فقالت: اصغ إلي. أنا عارفة، ولكن إذا كان بلغ الأمر منك هذا الحد فيجب أن تذهب. أنت تجيء كل يوم فنرحب بك. أفما يكفيك هذا؟ وما بوسعي أن أفعل من أجلك؟ أفما بذلت لك صداقتي؟ ولكم كنت أتمنى لو أنك حافظت على صداقتك لي إلى أمد أطول!
الفصل السابع
قالت هذا وسكتت كأنها تتوقع جوابا؛ وإذ رأتني لا أزال متهدما تحت وقر أحزاني، سحبت يدها من يدي على مهل، وتراجعت خطوات، ثم وقفت لحظة وتولت إلى بيتها.
وبقيت على المرج وكنت أتوقع أن أسمع منها ما سمعت؛ لذلك لم أتردد في التصميم على الذهاب، وقفت وفي قلبي غصة، وانطلقت أجوب أنحاء الحديقة وأنا أحدق بالمسكن وبنافذة غرفة مدام بيارسون، ثم عدت أدراجي إلى الحاجز وخرجت مغلقا الباب ورائي، وقبل أن أبتعد وضعت شفتي على القفل وقبلته طويلا.
وعندما وصلت إلى مسكني طلبت من لاريف أن يعد متاعي لأنني أزمعت السفر في الصباح، فدهش المسكين لهذه المفاجأة، فأشرت إليه بأن ينفذ الأمر دون أي استفهام، فأحضر صندوقا كبيرا وأخذنا نضع المتاع فيه.
وكانت الساعة الخامسة صباحا وقد لاحت تباشير الصباح، فوقفت أسأل نفسي إلى أية جهة سأسافر؟ وما كان خطر لي هذا الأمر حتى الساعة، فاضطربت له ووهى تجلدي، فسرحت أنظاري على الحقول وما وراءها من آفاق، فاستولى الوهن علي، فاستلقيت على مقعد وتبلبلت أفكاري. رفعت راحتي إلى جبيني فإذا هو يتصبب عرقا، وشعرت بحمى شديدة تهز جميع أعضائي، فنهضت أطلب فراشي وأنا أستند إلى ذراع لاريف، وطرأ علي الذهول فما كنت أذكر شيئا مما جرى لي، ومر النهار وأمسى المساء، فإذا بنغمات موسيقية تصل إلى أذني، فتذكرت أن اليوم يوم أحد، فأدركت أن المرقص قد دار، فأرسلت لاريف ليرى ما إذا كانت مدام بيارسون موجودة فيه، فعاد لاريف قائلا: إنها ليست هناك. أرسلته إلى بيتها فرأى النوافذ مقفلة، وقالت له الخادمة: إن سيدتها سافرت مع عمتها لقضاء بضعة أيام عند أحد الأنسباء في مدينة ... وهي مدينة صغيرة تبعد مسافة ليست قصيرة عن القرية، ودفع إلي لاريف بكتاب سلمته إياه الخادمة جاء فيه ما يأتي:
منذ ثلاثة أشهر لم أنقطع عن مشاهدتك، ومنذ شهر اتضح لي أنك أخذت بالعاطفة التي يدعوها من في سنك غراما، وكنت أحسب أنك مصر على كتمان أمرك، والتغلب على نفسك. لقد كنت أحترمك، وليس لي أن أوجه أية ملامة إليك عما حدث، وعلى تضعضع عزمك.
إن ما تحسبه حبا ليس إلا شهوة، ولا أجهل أن كثيرات من النساء يحلو لهن تنبيه مثل هذه الشهوة، وكان الأجدر بهن أن يرضين كبرياءهن باكتساب الإعجاب دون إثارة الشهوات، ولكنني أرى الآن أن هذه الكبرياء نفسها خطرة، وقد أسأت باندفاعي معها تجاهك.
Página desconocida