Confesiones de un joven de la época
اعترافات فتى العصر
Géneros
وبعد برهة شعرت بنار الحمى، فتساقطت دموعي وتسلط الأسى علي، لا لتحول خليلتي عني، بل لإقدامها على خداعي، وهل يسهل علي أن أدرك السبب الذي يحفز امرأة لا يقيدها واجب ولا غاية بادية إلى مخادعة رجل وهي تحب سواه؟
وكنت أعلن استغرابي هذا لديجنه عشر مرات في اليوم، فأقول له: لو أنني كنت زوجا لهذه المرأة، أو لو كنت أبذل المال لها لكنت أفهم سبب خيانتها. فما الذي كان يصدها - يا ترى - عن إعلان انتهاء حبها لي؟ وما الذي دعاها إلى خيانتي؟
وما كنت أتصور وقوع الكذب في الغرام. كنت لم أزل في شرخ الشباب في ذلك الزمن، غير أنني أعترف بقصوري حتى الآن عن إدراك هذا السر، ولقد كنت كلما أحببت امرأة أعلن لها حبي، وكلما شعرت بزوال الحب أعلنه أيضا؛ إذ كنت أعتقد أن مثل هذه الأمور لا سيطرة لإرادتنا عليها، وأن لا جريمة إلا في الكذب.
أما ديجنه فما كان يجيب على كل هذا إلا بقوله: إنها لشقية؛ فعدني ألا تنظر إلى وجهها فيما بعد.
وكنت أقسم له باتباع نصيحته، وقد أشار علي - فضلا عن عدم مقابلتها - ألا أكتب إليها حتى ولو بقصد توبيخها، وألا أجاوبها إذا هي كتبت إلي، وما ترددت في وعده بما أراد وأنا مندهش بل متألم في عزة نفسي لافتراضه إمكان مخالفتي لهذه الخطة الرشيدة.
ولكنني ما تمكنت من النهوض من فراشي ومبارحة غرفتي حتى هرعت إلى منزل خليلتي، فرأيتها وحدها على مقعد في غرفتها، وقد ظهر التعب على ملامحها، والإهمال في ترتيب أثوابها، فاندفعت أشبعها لوما وتقريعا، وقد بلغ مني اليأس أقصاه، فكنت أصرخ بملء صوتي ودموعي تتساقط بغزارة، وخنقني الزفير فانطرحت على السرير وأنا أقول: لقد كنت تعلمين أن خيانتك تقضي علي أيتها الخائنة الشقية، فهل لذت لك هذه الجناية؟ وما هو ذنبي إليك يا ترى؟
أما هي فانطرحت علي تعانقني قائلة: لقد اندفعت بالرغم مني؛ لأن ذلك الشاب كان قد أسكرني على المائدة، ولكنني لم أستسلم إليه، بل كل ما وقع هو أنني تراخيت في ساعة ضلال، ولقد أكون أخطأت ولكني لم أرتكب جرما. إنني أقدر الضرر الفادح الذي أنزلته بك، ولكنني أطمع في عفوك، فإذا أنت منعته عني قتلتني.
وما ادخرت شيئا من دموع التوبة الصادقة ولا من فصاحة الألم توصلا لتعزيتي، وارتمت على ركبتيها في وسط القاعة وقد امتقع لونها، وتفتق ثوبها، وتهدل شعرها، فرأيت فيها من الجمال ما لم أره من قبل، فارتعشت كرها واشمئزازا بينما كانت الشهوة تثور في دمي.
خرجت من لدنها وقد تحطمت قواي وصممت على ألا أقابلها أبدا، ولكنني رجعت إليها قبل مضي ربع ساعة وأنا مندفع بقوة خفي كنهها علي، وقد تسلطت علي شهوة التمتع بهذه المرأة مرة أخيرة لأشرب على جسدها الرائع كل ما ذرفت من مرير الدموع ثم أنتحر.
كنت أكرهها وأعبدها، كنت أشعر أن غرامها يوردني الهلاك، وأشعر أيضا أنني لا أقوى على الحياة بدونها. صعدت إلى غرفتها بسرعة السهم المنطلق دون أن التفت إلى الخدم في طريقي، ودفعت باب غرفتها فجأة، فرأيتها جالسة إلى المرأة وقد تحلت بجميع جواهرها، وكانت وصيفتها واقفة وراءها تمشط شعرها، فخيل إلي أنني أشهد حلما ، إذا امتنع علي أن أتصور أن المرأة التي أراها أمامي هي المرأة نفسها التي كانت منذ هنيهة ساقطة على الأرض تحت وقر آلامها.
Página desconocida