Confesiones de un joven de la época
اعترافات فتى العصر
Géneros
وشعرت في داخلي بينبوع يتدفق من ذرى تفكيري كالجداول المنسربة من ذوبان الثلوج على القمم، وقد لمحتها عين الشمس المنيرة المحرقة، وارتفع الندم من عذابي ارتفاع البخور من مجامره.
لقد كنت على وشك ارتكاب جريمة، ولكنني ما رأيت آلة الإجرام تسقط من يدي حتى شعرت ببراءة نفسي، فقد كفت لحظة لأستعيد السكون والقوة والهدى، فتقدمت إلى السرير وانحنيت على خليلتي مقبلا صليبها على صدرها، قائلا لها: نامي بسلام، فإن عين الله ساهرة عليك. لقد مر بك أعظم خطر وأنت تبتسمين في أحلامك.
ولكن اليد التي هددت حياتك لن تمتد يوما للإضرار بأي مخلوق، وها أنا ذا أقسم بمسيحك نفسه أنني لن أقتلك ولن أنتحر، فما أنا إلا مجنون، ما أنا إلا ولد حسب نفسه رجلا. أنت لا تزالين حية - والحمد لله - ولسوف تستعينين بصباك وجمالك على نسياني، وإذا ما قدرت على منحي العفو لما أورثتك من داء؛ فإن عفوك نفسه سيشفيك من دائك.
نامي بأمن إلى الصباح يا بريجيت، وغدا ستنطقين بحكمك فأرضخ لأي قرار تتخذين .
وأنت أيها المسيح، أنت يا من كنت لها منقذا، جد لي بغفرانك ولا تقل لها ما رأيت. لقد ولدت في عصر ملحد جاحد، فيا لشد ما يحق علي من كفارة أيها المنبثق من روح الله! إن الناس قد نسوك فما علمني أحد أن أحبك. إنني ما طلبتك يوما في المعابد، ولكنني وجدتك الآن حيث لا أملك التغاضي عن رهبتي وخشوعي، وقد ظفرت شفتاي ولو مرة قبل موتي بتقبيلك على صدر ممتلئ بالإيمان بك؛ فليكن إيمانها حارسا لها. وأنت يا سيدي اذكر هذا البائس الذي لم يجسر على اقتحام الموت عندما رآك مسمرا على صليبك. لقد أنقذتني من الشر وأنا كافر، ولو كنت مؤمنا لأنزلت على روحي العزاء. اغفر لمن جعلوني ملحدا بعد أن جدت بالندامة علي. اغفر لجميع المجدفين؛ لأنهم لم يروك في ساعة يأسهم.
إن المسرات البشرية تقوم على السخرية ولا رحمة فيها، والسعداء في هذه الحياة يظنون أنهم في غنى عنك أيها المسيح، فإذا هم جدفوا عليك في كبريائهم؛ فإنهم سيقادون يوما إلى معمودية الدموع. أشفق عليهم لأنهم يرون أنفسهم في مأمن من عواصف الحياة، ولأنهم يحتاجون إلى تأديب المصائب ليهرعوا إليك.
ليست حكمتنا وشكوكنا إلا ألاعيب أطفال في يدنا؛ فاغفر لنا لأننا نتوهم أننا كافرون. اغفر لنا أيها المبتسم على جلجلة الفداء. إن أشد ما ينزل بنا من شقاء في حياتنا العابرة كالظل إنما هو محاولة غرورنا أن ينساك، وأنت تعلم - وما تخفى خافية عليك - أن هذا الغرور وهم تبدده نظرة منك. أفما كنت رجلا؟ وهل رفعك إلى مرتبة الألوهية غير العذاب؟ إن مرقاتك إلى السماء كانت آلة تعذيب رفعت منها فاتحا ذراعيك إلى أحضان مصدرك الأسنى، ونحن على مثالك يقتادنا الألم إليك كما اقتادك إلى أبيك. إننا لا نتقدم للانحناء أمام رسمك إلا وعلى جباهنا أكاليل الشوك، ولا نلمس رجليك الداميتين إلا بأيد دامية، فإنك بعذاب الشهداء اكتسبت محبة البائسين!
ولاحت طلائع الفجر، وبدأ كل شيء ينتبه مرسلا في الأثير أصوات الحياة، وشعرت بالعياء لشدة ما نالني، فأردت الانسحاب من غرفة بريجيت طلبا لبعض الراحة، وبينما أنا متجه نحو الباب ارتمى من أحد المقاعد ثوب من أثوابها على الأرض، فإذا أمامي رسالة معنونة بخط بريجيت، ولم تكن ملصقة، فنشرتها وقرأت ما يأتي:
25 ديسمبر
عندما تصل إليك رسالتي هذه أكون بعيدة عنك، ولعلها لن تصل إليك أبدا. إن حظي مرتبط بحظ رجل ضحيت في سبيله كل شيء؛ فهو لا يطيق الحياة بدوني، ولسوف أحاول أن أموت من أجله. إنني أحبك، الوداع. أشفق علي.
Página desconocida