Confesiones de un joven de la época
اعترافات فتى العصر
Géneros
إن مثل هذا الرجل يحس في أيام ضجره وتراخيه بالمجال السحيق بين قوته وشهوته بأكثر مما يشعر به أي رجل آخر، وإذا ما أراد مقاومة ما حوله من مغريات فإنه يلجأ إلى الكبرياء مستمدا منها الاعتقاد الوهمي بأنه يزدري هذه المغريات، ولا يأبه لها.
وهكذا لا يني الفاسق متنقلا على ولائم حياته، وقد قبض الغرور على عنقه ليجره جرا بين سعارى شهوته وكربته حتى يدفعه إلى هاوية الفناء، وبالرغم من أنني كنت أفلت من زمرة الفاسقين؛ فإن جسدي تذكر فجأة أنه كان محشورا بينهم، وما كنت لأشعر بمثل هذا الانبعاث من قبل حين اجتاحني الحزن الشديد لوفاة والدي، ثم جاء الحب المبرح يشغلني فارتد الملل عني وأنا في عزلتي. وما يهم المنفرد إن دار به الفرح أو ساورته الأحزان.
إن «الزنك» لا يدفع بالشرر الكامن فيه إلا إذا احتك «بالنحاس» النقي، وقد جاءت قبلات بريجيت كهذا النحاس تقدح ما كمن في أعماق فؤادي، فكنت وأنا أواجهها أستجلي حقيقتي فأعرف نفسي.
وقد كنت أصبح أحيانا وأنا شاعر بحالة جد غريبة في تفكيري، فأحسبني قضيت ليلي في وليمة ترك بي طعامها وشرابها ما أنهك قواي، فتتعبني أضعف المؤثرات الخارجية، وكل الأشياء التي عرفتها واعتدت النظر إليها تورثني الملل والنفور، فإذا تكلمت سخرت بأقوال الناس وبخواطري نفسها، فكنت أستلقي على مقعد مستسلما للكسل، معارضا في تنفيذ ما قررناه من تنزه، مستعيدا ما كنت قلته فيما مضى لحبيبتي من كلمات التودد والإخلاص، مفسدا بذلك تذكار أيام الهناء.
وكانت بريجيت تنظر إلي حزينة وتقول: بالله دع هذا يا أوكتاف، إذا كنت تضمر شخصيتين مختلفتين؛ أفما بوسعك أن تدع الشخصية الطيبة وشأنها عندما تتبين فيك الشخصية الشريرة؟
وما كانت معارضة بريجيت لضلالي إلا لتزيدني استغراقا في مرحي المزعج، وما أغرب طبيعة الإنسان المتألم! فهو يرمي أبدا إلى إيلام من يهوى، وهل من داء أفظع من داء العجز عن التحكم في الذات؟
وما أشد ما تحتمل المرأة إذ ترى الرجل الذي ضمت إلى صدرها ينقلب هازئا بلا مبرر بأقدس ما في ليالي الهناء من أسرار! وكانت بريجيت تتجلد فلا تتهرب مني، بل تبقى إلى جنبي منحنية على قطعة تطرزها، وأنا ذاهب بمهازلي القاسية أنال من الحب، وأنزل به أوجع الإهانات، وهي تنظر بصبر إلى فمي ولما يزل مرطبا بقبلاتها يتدفق تحقيرا وجنونا.
وكنت في الأيام التي تجتاحني فيها مثل هذه النوب أندفع إلى ذكر ما قضيته في أيام الفحشاء في باريس، فأصورها كأنها خير حياة، وأقول لبريجيت: ما أنت إلا قانتة متعبدة؟ وهل لك أن تعرفي ما هي هذه الحياة؟ فليس في الناس خير ممن لا تنالهم الهموم إذ يمارسون الحب دون أن يعتقدوا به.
فكأنني كنت أعلن لها بصراحة أنني لا أعتقد بالحب أنا أيضا.
وتقول لي بريجيت عندئذ: إذ كان الأمر على ما تقول، فما عليك إلا أن تعلمني ما أرضيك به، ولعلي لست أقل جمالا من معشوقاتك اللواتي تأسف لفراقهن، وإذا رأيت أنني محرومة من المعرفة التي كن يبدينها لتسليتك على طريقة خاصة، فأنا مستعدة لاقتباسها، ولتكن معاملتك لي كأنك لا تحبني، ودعني أحبك دون أن أعلن لك حبي، فما أنا أقل عبادة في هيكل الحب مني في هيكل الصلاة. قل لي ما يجب أن أفعل لتؤمن بما أقول.
Página desconocida