Ictiqad
الاعتقاد للبيهقي - ت: أبو العينين
Editor
أحمد عصام الكاتب
Editorial
دار الآفاق الجديدة
Edición
الأولى
Año de publicación
١٤٠١
Ubicación del editor
بيروت
Regiones
•Irán
Imperios
Selyúcidas
: ٢٣] نَظَرَ التَّفَكُّرِ وَالِاعْتِبَارِ؛ لِأَنَّ الْآخِرَةَ لَيْسَتْ بِدَارِ اسْتِدْلَالٍ وَاعْتِبَارٍ، وَإِنَّمَا هِيَ دَارُ اضْطِرَارٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَنَى نَظَرَ الِانْتِظَارِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَنَّةِ انْتِظَارٌ؛ لِأَنَّ الِانْتِظَارَ مَعَهُ تنْغِيصٌ وَتَكْدِيرٌ، وَالْآيَةُ خَرَجَتْ مَخْرَجَ الْبِشَارَةِ، وَأَهْلُ الْجَنَّةِ فِيمَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ مِنَ الْعَيْشِ السَّلِيمِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، فَهُمْ مُمَكَّنُونَ مِمَّا أَرَادُوا وَقَادِرُونَ عَلَيْهِ، وَإِذَا خَطَرَ بِبَالِهِمْ شَيْءٌ أُتُوا بِهِ مَعَ خُطُورِهِ بِبَالِهِمْ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] نَظَرَ الِانْتِظَارِ؛ وَلِأَنَّ النَّظَرَ إِذَا ذُكِرَ مَعَ ذِكْرِ الْوُجُوهِ فَمَعْنَاهُ: نَظَرُ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي الْوَجْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ١٤٤]، وَأَرَادَ بِذَلِكَ تَقَلُّبَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ؛ وَلِأَنَّهُ قَالَ: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣]، وَنَظَرُ الِانْتِظَارِ لَا يَكُونُ مَقْرُونًا بِـ «إِلَى» لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْعَرَبِ أَنْ يَقُولُوا فِي نَظَرِ الِانْتِظَارِ: «إِلَى»، أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ ﷿ لَمَّا قَالَ: ﴿مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ [يس: ٤٩] لَمْ يَقُلْ: «إِلَى»؛ إِذْ كَانَ مَعْنَاهُ الِانْتِظَارَ، وَقَالَتْ بِلْقِيسُ فِيمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهَا ﴿فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾ [النمل: ٣٥]، فَلمَّا أَرَادَتِ الِانْتِظَارَ لَمْ تَقُلْ: «إِلَى» . قُلْنَا: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَرَادَ نَظَرَ التَّعَطُّفِ وَالرَّحْمَةِ؛ لِأَنَّ الْخَلْقَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَطَّفُوا عَلَى خَالِقِهِمْ، فَإِذَا فَسَدَتْ هَذِهِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ صَحَّ الْقِسْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَقْسَامِ النَّظَرِ، وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] أَنَّهَا رَائِيَةٌ تَرَى اللَّهَ ﷿، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: إِلَى ثَوَابِ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ؛ لِأَنَّ ثَوَابَ اللَّهِ غَيْرُ اللَّهِ، وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿إِلَى رَبِّهَا﴾ [القيامة: ٢٣]، وَلَمْ يَقُلْ: إِلَى غَيْرِ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ، وَالْقُرْآنُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُزِيِلَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ إِلَّا بِحُجَّةٍ، أَلَا تَرَى
1 / 121